حديث النخب الشمالية عن أي قضية تمس الجنوب والانسجام فيما بينها بمختلف مشاربها وانتمائها والمبالغة في اهتمامها بماضيه وحاضره والقدرة على حشد المجتمع الشمالي حول تلك الفكرة تؤكد أن لا حل للقضية الجنوبية وأن لا خيار أمام الشعب الجنوبي سوى بالانفصال.
الانفصال أولاً عن فكرة عدائية تمثل مشكلة جذرية وجوهرية تهدد أمنه واستقراره وسلامة جوهره الإنساني إضافةً لخيار الانفصال الجغرافي الذي يمثل خلاصا ناجزا عن بيئة تصر أن تشغله بماضيه وتستغل صراعات ما بعد استعمار طويل متجاهلة مشوارا هو بالأساس وحدوي قدم كل التنازلات للشمال الذي قابله بضغينة وحقد للأسف غير مبرر وينم عن مدى سطحية رواده وحاملي لواء ذاك المشروع المبني على قراءة سطحية وفاشلة للواقع.
وللعلم فإن من يقود ذاك المشروع اليوم هو حزب الإصلاح وكلما حاول حزب الإصلاح (الإخواني) معالجة وضعه وتواجده في الجنوب مستغلاً ما يملكه من قدرات إعلامية ونفوذه في الميديا سحب معه الشمال ونخبه والشارع لصراع وجودي مع الجنوب سواءً أكان ذلك برغبة غرائزية أو باستغلال الخلفيات الثقافية لتلك النخب أو بطريقة لا إرادية تصور لهم دائماً أن مستقبلهم للأسف قائم على خراب الجنوب.
وبالرغم من أن هناك أصواتا شمالية تحاول مستميتة تدارك الموقف ولفت عناية الشارع للمنزلق الخطير الذي يقودهم إليه "التجمّع" إلا أنه وللأسف مهما كان ذاك الخطاب واعيا ورصينا مخالفاً للهوى لا يتم الإنصات له، والهوى كما قيل غلّاب.
