لسنوات، والعالم يتابع يومياً انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، وفشلت الإدانات العالمية وحتى العقوبات المفروضة على قيادات الحوثيين وكبار أزلامهم في تغيير نهجهم الدموي وتفاخرهم بأنهم أداة موت وخراب ودمار تهدد اليمن والمنطقة عموماً.
وطيلة السنوات التي تصدر فيها الحوثيون المشهد اليمني بعد انقلابهم المشؤوم في 21 سبتمبر 2014، لم يمر يوم على اليمنيين إلا وهم يتجرعون مآسي لا حصر لها على يد هذه الجماعة التي تجتر كل أنواع العنف الذي عُرفت به الجماعات الإسلامية، والمليشيات الإيرانية المنتشرة في الجزيرة العربية، لتثبت أنها عذاب مسلط على اليمنيين حاضراً ومستقبلا، وما يحز في النفس أن نرى هذه الجماعة تستعرض عضلاتها وقوتها وإن كانت في الحقيقة واهية، على شعب جُرد من كل أمل في الخلاص، وكل يوم يفقد الأمل أكثر وأكثر في الطرف المناهض للحوثيين بأن يكونوا هم عنوان الخلاص، نظراً للتشتت والتيه الذي يعيشونه حتى بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الذي كان بصيص الأمل الوحيد لرص الصفوف وتوحيد الجهود لمواجهة الحوثي ومعالجته بالدواء الذي ينفع معه ويعرفه الجميع، وبمنطق القوة الذي يفهمه ولا يمكن أن يفهم سواه، إلا أننا كشعب لم نر وإلى الآن تحركا حقيقيا ومشروعا وطنيا جامعا لليمنيين، لم نر سوى الخلافات التي يستفيد منها حاكم صنعاء المستبد، ولم نر سوى التمادي في سياسة الاسترضاء ورفض محاسبة الجماعة الحوثية على جرائمها المرتكبة ضد الداخل والخارج، وكأن الحوثي قد ضمن بشكل فعال إفلاتًا منهجيًا من العقاب لقيادات الجماعة وحتى أولئك الذين تورطوا في أعمال الهجمات الإرهابية كانوا يعرفون مسبقاً ربما بأنهم في أمان لا خوف ولا عقاب.
منذ أيام قليلة ولأول مرة أدانت بعثة الحديدة انتهاكهم الصارخ لاتفاق السويد بعدم عسكرة الحديدة، وفي أوقات سابقة عديدة اتهمتهم المنظمات الدولية بسرقة أقوات اليمنيين ونهب المساعدات، بالإضافة لما قالته مديرة مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في صنعاء مايا أميراتونغا إن (جماعة الحوثي) هي طالبان في شمال اليمن وهذه مشكلة يجب الانتباه إليها حقًا، وغيرها من الإدانات والتصريحات المحلية والإقليمية والدولية، وفي كل مرة تلجأ الجماعة الحوثية إلى الابتزاز كوسيلة من وسائل الدبلوماسية، تارة من خلال تهديد المنظمات وأخرى من خلال رفض التعاطي مع الأمم المتحدة وتقييد حركة بعثتها وحبسها في عرض البحر، وأخرى من خلال خطف موظفي المنظمات والسفارات وتلفيق التهم الكيدية، وأيضاً التهديد المستمر بإعاقة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وكل ذلك للضغط على المجتمع الدولي عامة لغض الطرف عما ترتكبه من جرائم ومحاولات حثيثة لإعاقة حركة المطالبة بالإدانة والمحاسبة لها.
وما زالت المأساة اليمنية مستمرة، ما استمرت سياسة الاسترضاء، وما يجري في الهدنة خير دليل، فالحوثي حصل على كل شيء دون أن يقدم أي شيء، وسيستمر في التعنت والحصول على ما يريد وتريده طهران، فمن أمن العقوبة أساء الأدب.