محمد عبده الشجاع
الربيع وذكرى 26 سبتمبر والإمامة
على الأبواب ذكرى لا تموت، وانسام يهدهدها الرواة.. وملحمة لها في كل شبر.. حوافر لا تساوم أو حصاة.
من حسن حظ أبناء الجمهورية وأحفاد الثورة السبتمبرية، أن دعاة الإمامة دائما ما يحملون أفكارًا متخلفة، ورؤى خارج حدود العقل، لا علاقة لها بالإنسان، ولا همومه وحاجاته وتطلعاته، فقط لديها عقد اجتماعي يقوم على (الأخذ) دون عطاء.
وهذه سمة المشاريع الضحلة، والأفكار الرجعية التي تعفنت ولم تعد قابلة للاستخدام.
هي ميزة تتسم بها مثل هذه القوى تأتي بالتوازي مع أطماع تاريخية وادعاءات سلالية زائفة، لا تراعي حقًا، ولا تمجد روحًا خلاقة، ولا تعمل حسابا لفرد جبل على العمل والكد والمثابرة وتعمير البنيان والترحال وتشييد المآثر.
لذا عندما نراقب تصرفاتهم وأفعالهم ومشاريعهم وأحاديثهم ومناسباتهم وعلاقاتهم وسياساتهم، أفكارهم وكتبهم وإعلامهم وصحافتهم وتعاطيهم مع الماضي والواقع والمستقبل نتبين بوضوح الصورة التي كانت عليها الإمامة قبل ال26 من سبتمبر، وانعكاساتها اليوم.
تلك الأفكار والمسارات لها ارتباطات بالمشروع الإيراني القديم الجديد، الذي مهدت له "فكرة التشيع"؛ أسوأ منتج في العصر الحديث، وأبشع "علامة تجارية" يمكن مصادفتها في الأسواق والأماكن العامة ودور العبادة والإعلام وحتى في البارات واوكار الدعارة.
صاحب ذلك تدين شعبي توافق مع الخرافة التي تلوثت بالبعد السياسي والثوري في أسوأ صوره، حتى أصبح هناك خليط سيئ، كما يحدث اليوم مع المشاريع التي صدرتها الثورة الإيرانية إلى لبنان والعراق وسوريا والتي وصلت في الأعوام الأخيرة إلى صنعاء اليمن.
فقد تشكل هذا التزاوج مع ماضوية التاريخ الذي كتبوه هم بأنفسهم، فكانت ولادة هؤلاء الذين يرسمون اليوم أبشع المشاريع السياسية الدينية؛ القائمة على العصبية والعرق النقي، مقابل عروق أقل شأنا في التصنيف، مهمتها أن تكون تابعة لا أكثر.
اليوم ونحن نراجع مسيرة الصراع في اليمن، مع صعود جماعة الحوثي للمشهد، سوف ندرك كيف تمت تغذية هذا الاشتباك من خلف الأسوار، خاصة فترة ما بين 2011 وحتى أواخر 2014م حتى وصلنا إلى رأس الفكرة الفاسدة؛ "العمامة بكل سوادها على رأس السلطة"! دون وجود من يزاحمها على ذلك وهو الهدف الأساس في توجه هذه الجماعة أصلا.
وهنا يمكن الجزم بأن أكبر كذبة أو خديعة قادها الإعلام الأصفر خلال العقدين الماضيين بقيادة الصحفي عبدالكريم الخيواني ذي النزعة الإمامية المحضة -توكل كرمان الآتية من غرف التعبئة الأيديولوجية بصورتها الأنيقة؛ بدلة وربطة عنق، وأجندات تلامس (العدالة والمساواة)على طريقة كونداليزا رايس - هيلاري كلينتون، ولفيف من البروباجندا (السوداء)؛ كان التسويق لمصطلحات:
-الحكم العائلي
-الجيش العائلي
-النظام العائلي.
بالإضافة إلى الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة؛ أكاذيب تم عبرها إسقاط بلد وترويض الفوضى إلى أن أصبحت قدرًا لا بد على اليمنيين أن يحتملوه إلى ما لا نهاية.
كانت الدعوات تحرير المواطن من علي عبدالله صالح وابنه أحمد المتربص بالكرسي، وتم تصوير الأمر حياة أو موت واختزال النضال والثورة في مواجهة فكرة افتراضية.
تم مَنتجة حلقات السقوط والضغط من خلال الشارع والإعلام، غير أن رؤى عديدة ظلت متشبثة بلغة الحوار والانتقال السلمي للسلطة لكن ذلك أمر لم يرق ل"عرابي" الربيع الذين لم يدركوا المآلات.
إذ كان لا بد من قطع كل حبال الود للوصول إلى القعر بأقصى سرعة، وهو ما صارت عليه الأمور لاحقا رغم الأصوات المحذرة.
بدأت عمليات إسقاط الطائرات في الشوارع على رؤوس المارة؛ تم اقتحام المعسكرات وقتل أبنائنا وإخواننا من الضباط والأفراد، تم الترتيب لعمليات قمع ومجازر وهمية، كانت دار الرئاسة هدفا رئيسيا وقد تم الوصول إليها في الشهر الحرام وأثناء الصلاة، تم التخطيط لإسقاط كل ملامح النظام، وبدأ الإيعاز للعديد من القيادات الفاسدة بالانشقاق حتى تبينت الصورة واكتمل المشروع.
اليوم نحن أمام أسوأ النسخ المشوهة من حاكم بليد يدعي أنه امتداد لإله السماء، وأن وظيفته تتمثل في أخذ ثأر الحسين ممن قتلوه قبل 14 قرنًا وإعادة الخلافة إلى أصحابها من البطنين.