يتعلق الأمر بالمقررات والمناهج التعليمية والتربوية لـ"وزارة التربية والتعليم"، خصوصًا مواد: القرآن الكريم، والتربية الإسلامية، واللغة العربية، والتاريخ، والتربية الوطنية، والجغرافيا.. وهي المواد التي تتشكل بموجبها شخصية الشخص، ووعيه وقيمه الفكرية والثقافية، ومبادئه الإنسانية، والدينية والقومية والوطنية..
سبق للجماعة الحوثية أن قامت بـ"تعديل" بعض مضامين هذه المقررات، في محاولة تدريجية لتشييع الشعب اليمني السني في أغلبه، وأكثر من ذلك لنشر أيديولوجيتها الخاصة المختلفة والدخيلة حتى على المذهب الزيدي.
الأهم هنا. هو قرارها الأخير الذي يقضي بإلغاء كل المقررات والمناهج السابقة. واستبدالها بمقررات تعليمية أعدتها الجماعة نفسها بما يتلاءم مع أيديولوجيتها الكهنوتية.. وهو "انقلاب" كامل وشامل وعميق في بنية وأسس ومنطلقات وأهداف وتوجهات العملية التعليمية والتربوية في اليمن.
قد لا يقدر بعضهم حجم خطورة هذا "العدوان" الجديد، لكن خطورته لا تقل بحال عن اجتياح الجماعة الحوثية لصنعاء عام 2014م. يومها انقلبت هذه الجماعة على النظام، واستحوذت على الدولة، وهي اليوم. بمثل هذا القرار. تقوم بالانقلاب على الشعب، والاستحواذ على وعي ووجدان الأجيال.
ومهما هوّنّا من خطورة هذه الخطوة العدوانية. فهي من حيث الكم والكيف وبكل المقاييس: أكبر وأخطر عملية تجريف للهوية، واستلاب للعقول، ومسخ جيل بأكمله، والأجيال القادمة لشعب كامل، وتدجينهم وترويضهم، وتحويلهم إلى مجرد أدوات للمشروع الكهنوتي.
ستكون المخرجات التعليمية أسوأ بكثير من الأمية، وفي الواقع. الأمية أفضل من التعليم المؤدلج. في الأمية يظل الإنسان شخصا سويّاَ. بينما التعليم المؤدلج ينتج عبيدا وقتلة وجلادين.!
المسألة في غاية الخطورة.. وتتعلق بحاضر ملايين اليمنيين، وبمستقل اليمن كله.. لكن.. ما العمل؟!
لا أدري.. الحوثي يفرض قراراته بالنار والحديد، وينكّل بأي طرف أو شخص يحاول الاعتراض على قراراته الكارثية في مناطق سيطرته.. ويعمل ليل نهار على تأبيد نفسه بكل حماس وبشتى الوسائل.. في حين أن القوى اليمنية خارج سيطرته، متشرذمة متناحرة تتصارع في حافة العدم على مصالح خاصة، ومشاريع فئوية ضيقة.!