عقود من الظلم والاضطهاد، وحصار المجتمع وفرض القيود عليه، وسلبه الحرية وحق الحياة، عقود من الممارسات القمعية التي أودت إلى أن يتجرع الشعب الإيراني مرارة العيش على الرغم من الثروة الكبيرة التي يمتلكها، حيث يمارس النظام الإيراني أبشع أنواع السياسات التي تعمل على إخضاع المجتمع وتدجينه بالفكر الديني الإرهابي المتطرف الذي يساعد على استمرارية بقاء النظام، كواحد من أبشع صور الأنظمة الديكتاتورية التي عرفتها إيران والمنطقة.
اليوم الشعب الإيراني يحوِّل أناته وعذاباته إلى مصدر قوة وإلهام تحرره من قيود وسياسات الخميني التي فرضها عنوة، يحوِّل كل مصدر للقمع والمظلومية الجماعية إلى قوة تحرره من كل سياط الخضوع والرهبة، تحرره من خوف البطش والرصاص ، تحوِّله إلى مصدر إلهام لبقية الشعوب التي ترزح تحت وطأة سياط سياسات النظام الإيراني عبر عملائه وميليشياته في اليمن والعراق ولبنان.
تستمر ثورة الشعب الإيراني بوسائلها البسيطة، وبدمائها النازفة، وبالمزيد من القمع الشديد والسجون التي تستقبل كل يوم عشرات الثائرين، تستمر في مواجهة أعتى قوة إرهابية ممثلة بالحرس الثوري الإيراني، تستمر بجدائل النساء الثائرات وطهارة فكرهن وصدق البحث عن الحياة بشكلها الذي أرادته السماء لا برهاب الخمينية وجلاديها الإرهابيين، تستمر ثورة الشعب الإيراني ومعها تستمر دعوات الشعوب العربية لها بالنصر والمؤازرة، وحتى إن لم تستمر، يكفي إلى هذه اللحظة أنها صنعت نصراً كبيراً أخرجت الشعب إلى ميادين التحرر، وصنعت بداية جديدة يمكن التعويل عليها مستقبلاً.
النظام الإيراني سوف يشيطن الثورة، ويتهم الثائرين بالعمالة، كما هو ديدنه الدائم في نسب أي ثورة تتحرك للتحرر من هيمنته الإرهابية سواءً في إيران أو في المنطقة على أنها مؤامرة وأن الشعوب الثائرة هي عميلة لأمريكا وإسرائيل، سوف يعمل النظام الإيراني كل ما بوسعه لإجهاض ثورة الشعب، وسيقوم بصب كل تهمة عليه، وسيعمد إلى أن يتخللها نوع من الاختلال الأمني ليبرر عملية إراقة الدم والحد من التوسع بالثورة.
التفجيرات الأخيرة التي استهدفت مزارا دينيا في هذا التوقيت هي عملية من صنع النظام الإيراني، أراد من خلالها أن يتهم الثورة الإيرانية بالوقوف وراءها، وأراد أن يستميل التعاطف الإيراني نحوه، وأرد أن تتحول الأنظار صوب عملية التفجير، وأن يحد من أي تعاطف مع الثورة.
لا شيء سيقف أمام النظام الإيراني في استخدام كل الوسائل لوأد ثورة الإيرانيين، فهو المدبر الأكبر لسياسات الإرهاب، وكيفية استعمال الإرهاب في ضرب مناوئيه، ولديه الخبرة الكافية في تحويل الإرهاب إلى عصا من خلالها إما يجلب التعاطف أو لتصفية الخصوم وإثارة البلبلة وعدم الاستقرار، كما هو الحال في الدول التي يسيطر عليها من خلاله عملائه من المليشيات والأفراد سواءً في اليمن عبر الحوثية الإرهابية، أو في لبنان من خلال حزب الله، أو في العراق من خلال الحشد الشعبي.
كل عملية إرهابية تستهدف الشعب الإيراني يقف وراءها النظام الإيراني، من أجل يثير عواطف الجماهير واتهام أنظمة أخرى، يستمر في استخدام إسطوانة المؤامرة، ويستمر في تركيع شعبه، لذلك قد تكون الفترة المقبلة حاسمة أمام الثورة الإيرانية، حيث سوف يعمد النظام إلى تكثيف عملياته الإرهابية، ومحاولات نسبها إلى جماعات تكفيرية مدعومة من الدول الأخرى.