لا أدري بالضبط ما الذي فعله "غزوان" مؤخراً في تعز. بحيث أزعج القيادات الأمنية هناك بشدة، واستفزها لإعلان حالة طوارئ، واستنفار قواها، وتدشين حملة عسكرية ضاربة لملاحقته والقبض عليه.!
قيام غزوان بقتل أشخاص أبرياء، جهاراً نهاراً، وبدم بارد، ليس جديداً عليه، ولا على غيره من رجال العصابات الذين يحكمون تعز منذ ثماني سنوات. وبالتالي، ليس سبباً وجيهاً لإعلان حالة الطوارئ هذه.!
لطالما أزهق هؤلاء البلاطجة ورجال العصابات الكثير من الأرواح، ونهبوا واغتصبوا، وعبثوا بكرامة هذه المدينة الكسيرة.. تحت مرأى ومسمع رجال الأمن. وكلما صاح أحدهم معترضاً. {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ، وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ، وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا}.!
حتى "منظمة العفو الدولية" شعرت بالهلع من هول جرائم اغتصاب الأطفال التي تحدث في هذه المدينة، وكغيرها من المنظمات الدولية ناشدت "حكومة الشرعية" لفعل شيء للحد من هذه الجرائم المريعة التي تحدث برعاية "سلطة الأمر الواقع".!
لكن "حكومة الشرعية" السابقة. كان لها أذنٌ من طين، وأذنٌ من عجين. كانت منخورة بـ"الجماعة" وراضية عنها، وعن "سلطات الأمر الواقع" التابعة لها. كما قال الشاعر:
وَعَيْنُ الرِضَا عَن كُلِّ عَيْبٍ كَلِيلَةٌ ... كَمَا أَنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي الْمَسَاوِيَا
بل من خلال وعلى حساب "الشرعية"، كان لسلطة الأمر الواقع هذه، جحافل من الإعلاميين للدفاع عن موبقاتها، وكيل التهم ضد "الساخطين"، وأسراب من الذباب الإلكتروني، لكيل الشتائم لكل من كتب سطرا منددا بالجرائم التي تحدث برعايتها.
ما الذي حدث اليوم.. لتتم مطاردة "غزوان" بسبب قتل أشخاص قتل أضعافهم من قبل، ولم تحرك هذه الأجهزة ساكنا.!
هل هو بضغط من الإدارة الجديدة للشرعية؟!
لكن لا يبدو أن الإدارة الجديدة للشرعية، على مميزاتها. مختلفة نوعياً من حيث علاقتها بالجماعة التي ما تزال تحكم عدة إمارات في اليمن.!
هل هي صحوة ضمير؟!
لكن مئات القتلة واللصوص والبلاطجة.. ما زالوا يعبثون بالمدينة كعادتهم. وفي خضم مطارة الأمن لغزوان. هدد أحدهم أحد القضاة بمحوه هو وبيته من على وجه الأرض.!
هل بات "غزوان" كرتاً محروقاً يتم التخلص منه على طريقة عصابات المافيا، في التخلص من أدواتها المستهلكة.؟!
ربما، لكن هذا العذر أقبح من الذنب. وعموماً هناك ألف "غزوان" آخر، لم يكن "غزوان" مجرد بلطجي. بل كان هو الدولة في هذه المدينة التي جعلها الإخوان قبل أحد عشر عاماً. عاصمة للثورة، ووعدوها أن تكون نظيرة باريس، ضمن وعد تحقيق التجربة الفرنسية في اليمن، لتتكشف الأيام لليمن عن التجربة الأفغانية، ولتعز عن نموذج قندهار.!
هناك أكثر من (40.000) مقاتل، بالزي العسكري.. يحرسون شارعين في جزء مظلم من هذه المدينة الغارقة بالخوف والقمامة ورجال العصابات، أو بعبارة أدق: يحرسون الخوف والقمامة ورجال العصابات.!