سامي غالب

سامي غالب

تابعنى على

خلاف عائلي أم سياسي وراء العبث بإرث البردوني؟

Friday 16 December 2022 الساعة 05:09 pm

صرح عبدالله البردوني مرارا أنه أنجز ديوانين جاهزين للطبع هما "ابن من شاب قرناها" و"العشق في مرافئ القمر"، وأنجز كتابا جاهزا للطبع هو "الجمهورية اليمنية".

هذه ثلاثة أعمال البردوني كانت قيد الإنجاز، أي دفعت للطبع أو جاهزة لأن تطبع. 

شخصيا سمعتها منه في مارس 1998 ونشر كلامه في حوار صحفي أجريته معه لجريدة "الوحدوي".

مات البردوني بعد عام ونصف تقريبا.

وترددت أقاويل يوم وفاته عن السطو على مخطوط كتابه "الجمهورية اليمنية" من قبل "مندوب الرئيس"!

 واكتسبت الأقاويل قوة الحقيقة مع انصرام السنين. 

وقد أشرت إلى هذه "الحقيقة" أولًا في جريدة الأسبوع في مايو 2000، وكررتها لاحقا في أكثر من مناسبة في جريدة "النداء". 

والحاصل أن رواية "سلطوية" بدأت تنتشر على استحياء، تتكلم عن خلاف بين الورثة (فتحية الجرافي أرملته، وأقاربه من إخوته)، وحينها -أي عامي 1999 و2000- لم يكن هناك مجال للشك حول مصير الديوانين فهما في الحفظ والصون لكن مصير مخطوط كتابه "الجمهورية اليمنية" بدا غامضا خصوصا وبعض الأساتذة في "اتحاد الأدباء" ذكر صراحة -لكن دون أي دليل- أن الأستاذ علي الشاطر زار، مبعوثا من الرئيس صالح، بيت البردوني بعد ساعات من وفاته وغادر حاملا مخطوط كتابه! 

هكذا، ومع الوقت، استقرت روايتان؛ الأولى تتحدث عن مبادرة السلطة إلى وضع اليد على مخطوط كتاب "الجمهورية اليمنية" غداة وفاة البردوني، والأخرى أبرزت خلافات الورثة كمبرر وحيد لعدم طبع أعماله.

 وقد ظهر أن هذه ذريعة "السلطة" تلوح بها في وجه كل متشكك أو متسائل عن مآل أعمال البردوني غير المنشورة. 

 وكم هو محزن أن يطبع ديوان البردوني (الأعمال الكاملة) في 2004 منقوصا؛ أي من دون آخر ديوانين! 

والحق أن خلاف الورثة لا سبيل إلى إنكاره أو  إنكار صلته بعدم ظهور الديوانين. 

لكن الأكيد أن اتحاد الكتاب والأدباء اليمنيين يتحمل المسؤولية الأولى عن العبث في إرث البردوني، إذ يعرف أن السلطة حينها كانت تناصب الشاعر العداء جراء مواقفه منها، خصوصا بعد حرب 1994، إلى حد أنه شكا من مضايقات أمنية وحصار "إعلامي" يستهدفه.

 وأكثر من ذلك فإنه سألني، شخصيا، عما إذا كان لأحد معاونيه صلة بالأمن (المخابرات). 

والمغزى أن علاقة الشاعر بالسلطة كانت في أسوأ أطوارها، وهذا يفسر جزئيا كيف صار "خلافا عائليا" لعبة سلطات بعد رحيل صاحب الصوت الأشد حدة في فضح أفعالها! 

في 2012 والسنوات التي تلت تجدد الحديث عن أعمال البردوني غير المنشورة في غياب الحاكم الذي ناصبه العداء، وفي ظل وزراء لا يمتون بصلة إلى النظام السابق لكن بالتركيز على ديوانيه دونا عن الأعمال الأخرى، نثرا وسياسة. وبعد سيطرة الحوثيين على صنعاء بدا وكأن البردوني أحد خصومهم التاريخيين إذ أن موقعه في الإنترنت الذي يحتوي على أعماله الشعرية المنشورة تم حذفه دون أن تحرك الوزارة واتحاد الأدباء ساكنا. 

ثم بعد سنوات (تقريبا 2019) أبلغني الصديق أحمد العرامي أن الديوانين في الحفظ والصون، وأنه يتابع مع آخرين إمكانية طبع الديوانين من قبل وزارة الثقافة (حكومة الشرعية). 

وكان الحديث، مرة أخرى، يتركز على الشعر لا النثر! 

وحسبما فهمت من العرامي فإن الورثة يطالبون مالا مبالغا فيه، وهذا هو السبب الوحيد لعدم ظهور الديوانين! 

ماذا جرى بعد ذلك؟ 

كيف ظهر الديوانان في صنعاء؟

وهل تم العبث في إرث البردوني الشعري وغير الشعري؟

 هذه أسئلة يجيب عنها ورثة البردوني (العائلة) واتحاد الأدباء اليمنيين.

كذلك يكون ما كتبه الصديق الروائي اليمني علي المقري عن العمل الذي طبع في صنعاء مؤخرا ونسب للبردوني جديرا بالوقوف والتحقق من جميع محبي البردوني وتلاميذه.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك