تكاد الليلة أن تكون كالبارحة. ويكاد قرار الجرعة الجمركية والضريبية يناير 2023 أن يقترب في الشبه من قرار جرعة المشتقات النفطية 2014 الذي أدى إلى اجتياح صنعاء والانقلاب على الدولة.
ففي أول ردة فعل رسمية شعبية سياسية عسكرية رفضاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3 للعام 2023، والذي تضمن التصديق على قرارات المجلس الاقتصادي الأعلى بشأن رفع السعر الجمركي للبضائع المستوردة بنسبة 50% وقرار رفع سعر بيع المشتقات النفطية، وتعرفة المياه والكهرباء وحسابات الصناديق.. عقد المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة عدن اجتماعه يوم أمس معلنا رفضه القطعي والمطلق لهذا القرار إجمالاً.
حيث أكد الانتقالي في اجتماعه بأنه ككيان ممثل للشعب الجنوبي لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الاستهداف والعبث الممنهج الذي يطال ابناء شعب الجنوب.
الانتقالي طالب مجلس القيادة الرئاسي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالإلغاء العاجل لهذه القرارات الكارثية التي تهدف الى تجويع المواطنين في المحافظات المحررة بدرجة أساسية والتي تعمل على وقف عجلة التنمية وتخدم المليشيات الحوثية التي لا تخضع لهذا القرار.
كما طالب أيضا دول التحالف العربي بسرعة التدخل العاجل لوقف هذا التدهور والفوضى الممنهجة، وملوحا بالتصعيد ضد هذه القرارات والتعهد باسقاطها.
ولعل المتتبع للتوقيت الذي أعلنت فيه الحكومة قرار الجرعة الجمركية والضريبية في ظل ظروف معيشية سيئة جدا يعيشها المواطن اليمني الى حد التذمر تجاه الحكومة وسياسة مجلس القيادة الرئاسي، وما يصاحب كل ذلك من حراك سياسي في الداخل والخارج كان التصعيد السياسي والعسكري في حضرموت والاعلان من احدى مدن الولايات المتحدة الامريكية عن مؤتمر سياسي مناهض لمجلس القيادة الرئاسي تتصدره جماعات الانشقاق السياسي التي تحاول ان تصدر نفسها بديلا لمجلس القيادة الرئاسي.
وما يصاحبه ايضا من اجتماعات للرئاسي والحكومة في الرياض تبدو عليها هشاشة التوافق البيني العاجز عن اتخاذ قرارات لتصحيح الحقائب الوزارية واحداث التغييرات في المحافظات وخصوصا في مؤسستي الجيش والامن.. ناهيك عن الفشل الذريع في تنظيم وضبط الايراد والعجز التام في ادارة الملف الاقتصادي برمته.
إن كل ذلك الاحتقان سيجعل من قرار الجرعة الذي اتخذته الحكومة مبررا كافيا لتهييج الغضب الشعبي والتصعيد في الحراك السياسي للاطاحة بمجلس القيادة الرئاسي على غرار قرار جرعة 2014.
وما تأكيدات المجلس الانتقالي بالاصطفاف إلى الشعب رفضا للقرارات إلا أحد تلك المؤشرات، وهو الأمر الذي يجعل مجلس القيادة الرئاسي امام خيار إلزامي يوجب عليه سرعة إلغاء ذلك القرار وايجاد معالجات اقتصادية حقيقية لايقاف التدهور الاقتصادي واتخاذ قرارات حاسمة لتصحيح القنوات الايرادية وربطها بالبنك المركزي والعمل على التقليل من الإنفاق.. حتى لا تنتهي الليلة بما انتهت به ليلة البارحة.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك