منذ تأسيسه في الرابع من مايو 2017م سعى المجلس الانتقالي الجنوبي بدأب لتوسيع شبكة علاقاته الإقليمية والدولية؛ للمساهمة في تحقيق أهداف المجلس الأساسية، والمتمثلة في استعادة دولة الجنوب.
كانت موسكو وما زالت إحدى أهم وجهات نشاط المجلس، بالنظر إلى العلاقة التاريخية بين الاتحاد السوفييتي سابقاً، (روسيا حالياً)، والجنوب، سمة خاصة لأي تواصل حديث بين موسكو وعدن.
كان الاتحاد السوفيتي من أوائل دول العالم التي اعترفت باستقلال الجنوب في عام 1967 وأقام مع دولة الجنوب علاقات تعاون وتحالف استراتيجي شامل.
وعلى الرغم من أن السياسة الروسية تجاه الأزمة اليمنية الراهنة اتسمت بالحياد الاستراتيجي، وأداء أدوار الوساطة بين جميع الأطراف؛ فإن العلاقة بين موسكو والمجلس الانتقالي الجنوبي تحظى باهتمام كبير من قِبل المراقبين والجنوبيين على حد سواء، وذلك بسبب ما يحظى به الجنوب من أهمية جيوسياسية ولأسباب تاريخية.
تصريحات المسؤولين الروس تؤكد بوضوح وعلانية ضرورة تسوية “القضية الجنوبية” لإنهاء الصراع في البلاد.
وفي سياق الموقف الروسي الفريد تجاه القضية الجنوبية، قال السفير الروسي في اليمن، فلاديمير ديدوشكين، في عام 2018، إن جنوب اليمن منطقة رئيسية في البلاد، ويجب أن تشارك في تسوية السلام.
لم يكد يمر عام على تصريح ديدوشكين حتى وقَّع المجلس الانتقالي اتفاق الرياض مع الحكومة الشرعية، كأحد أهم اتفاقات المشاركة في النشاط السياسي والمناصفة بين الجنوب والشمال.
وعلى الرغم من أن اتفاق الرياض مر بالكثير من العثرات؛ فإنه يعد خطوة مهمة للمجلس الانتقالي.
أثناء وجود وفد المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزبيدي في موسكو قبل حوالي عامين، أكد السفير الروسي في اليمن، أن روسيا يهمها تنفيذ اتفاق الرياض، وأن ممثلي المجلس الانتقالي الجنوبي يجب أن يشاركوا في المفاوضات بين الأطراف اليمنية تحت رعاية الأمم المتحدة.
ومقارنة بالموقف الأمريكي الجامد من الأزمة اليمنية والمنحاز للشمال -أيا كان من يحكمه- في موضوع الوحدة منذ زيارة جورج بوش الأب إلى صنعاء عام 1989م وحتى الآن... فإن الموقف الروسي أكثر واقعية وتفهما لطبيعة وجوهر الصراع في اليمن.
ومع ذلك، فإن علاقة روسيا بالمجلس الانتقالي، والفاعلين الجنوبيين، والقضية الجنوبية، ستكون خاضعة لعدة اعتبارات؛ منها مدى قدرة الجنوبيين على كسب السلطة والقوة والاحتفاظ بهما، ومدى قدرتهم على مواءمة سياساتهم الخارجية مع السياسات الخارجية الروسية، وما يمكن تقديمه وكسبه من منافع متبادلة بين الطرفين، بالذات في الجوانب العسكرية؛ وكذلك الجوانب الاقتصادية؛ خصوصاً مع قرب اليمن عامة والجنوب خاصة من أحد الخطوط الرئيسة لمشروع الحزام والطريق الصيني، وإطلاله على خط التجارة العالمي من وإلى أسواق النفط في الخليج العربي.
تبدو الظروف الآن ومن ضمنها المصالحة السعودية الإيرانية برعاية صينية وبالطبع روسية... تبدو ملائمة لتحرك انتقالي مكثف باتجاه الشرق.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك