جلال محمد
لا تلوموا مصر.. بل لوموا بضاعتكم الفاسدة وقيادتكم المتفرجة
كل من يمتلك عقلاً ومنطقا أو بصيرة أو قليلًا من الضمير والإنصاف يستطيع أن يتبين النتائج الخطيرة والكوارث والمصائب والأحزان التي حدثت في اليمن ولليمنيين طيلة السنوات الماضية، والفشل الذريع الذي يلازم الشرعية بمختلف مسميات قيادتها، ومن أكثر أوجه الفساد والفشل والغباء هو ما يلازم الدبلوماسية اليمنية التي فشلت في إقناع العالم بما يتعرض له اليمنيون من إرهاب حوثي بدعم إيراني، رغم الميزانية التي يستنزفونها كرواتب وغيره من النثريات والسفريات، الأمر الموجع والمخزي أن لا تكتفي الخارجية بفشلها، بل ذهبت لإيلام المواطن اليمني وتخريب علاقات اليمن واليمنيين مع الدول العربية الشقيقة، وهذا ما تجلى في موقف بن مبارك أثناء زيارته إلى إثيوبيا والتصريحات الكارثية التي تحدَّث بها بما يضر أمن مصر القومي، الأمر الذي دفع الحكومة المصرية لاتخاذ موقف تجاه المواطنين اليمنيين القادمين إليها أو المقيمين على أراضيها.
لا يمكن أن تلام جمهورية مصر العربية على أي إجراءات ترد اعتبارها من تصرفات طائشة من احد ممثلي "الشرعية" الذي استمرأ صبر اليمنيين فتطاول على علاقاتهم بها وهي أهم ملاذ لهم كبلد يكن له اليمنيون كل المحبة والتقدير. فالوزير الكارثة، والقمامة المتبقية من إرث هادي، وكعادته الاستخفاف بأوضاع المواطن اليمني، وإصراره على إسماع صوته النشاز بقضايا لا تفيد اليمن واليمنيين ولمجرد رغبته بالظهور والتأكيد على وجوده بدون سبب على حساب مصالحهم ظهر مباركا لإجراءات تمس بدولة مصر وكأنه يكرر دوره السابق بإشعال الحرب اليمنية متسلقا على اكتاف حكومة انتقالية أوهمها بقدراته الخارقة في بث الفرقة بين أقطاب معارضيها تعجيلا بسقوطهم، واليوم يستخدم نفس الأسلوب للإساءة لليمنيين في المحافل الدولية خدمة للغير وتمهيدا لأسوأ كارثة تشهدها اليمن بهذه الحرب.
يعلم الإخوة الأشقاء في مصر أن اليمن واليمنيين كشعب يكنون لهم كل المحبة، وكل الاحترام، ولن ننسى مطلقاً موقف مصر من ثورتنا اليمنية الخالدة 26 سبتمبر و14 أكتوبر، وامتزاج الدم المصري واليمني ليروي أرضنا ويخلص شعبنا، ولهذا نأمل أن لا تلوم مصر أبناء اليمن الذين نفروا إليها ليس نزوحا ولا لجؤا ولا بحثا عن أعمال، ولكن ثقة وحبا واطمئنانا، لأنهم يعرفون أنها أرض خصها الله بالأمن والأمان وبشعب وفي وكريم وبموقع يربط اليمنيين ببعضهم بين الدول التي يعيشون فيها في ظروف استثنائية فرضت عليهم. ولأنها تربطها باليمن تاريخا وحضارة وشهداء ودماء وتضحيات جليلة عرفت بها اليمن الحديثة، ولأنها تربطها باليمنيين علاقات متميزة جعلتهم يعتبرونها المكان الأفضل للاستثمار والتعليم والعلاج والاستجمام منذ أكثر من سبعين عاما وهم لا يشعرون على أرضها بأي تقصير أو تمييز.
وإذا كان هناك لوم، وسخط فنحن نوجهه لمجلس القيادة الرئاسي الذي أظهر للأسف أنه لا يهتم لليمنيين، وإن كان فعلاً يحترم مواطنيه فليقيل هذا المسخ، ويقدمه للتحقيق، فما قام به له دوافع تخريبية تخدم أعداء اليمن ومصر، كان يجب على مجلس القيادة تصحيح الأخطاء التي يقوم بها أشخاص دخلاء على السلك الديبلوماسي، وأن يعمل على تحجيم تصرفات الخارجية التي تعيث بالسفارات اليمنية جهالة ومحسوبية ومزاجية منذ انقضت عليها قبل ثماني سنوات فيدا دون مؤهلات ولا خبرات، وخارج إطار القانون الديبلوماسي الذي كان ينظم عملية الالتحاق بها ويحدد وظائف أفرادها لتتماشى مع خريطة المصالح اليمنية قبل كل اعتبار.
ولا نبالغ إن قلنا أن مجلس القيادة اليوم على المحك، ليثبت أن بيده القرار وأنه آت لخدمة الوطن والمواطن، أم أنه مجرد ديكور لا يقوى على تغيير وزير أتت به ساحات فبراير 2011م.