في مشهد استقبال السفير السعودي بصنعاء واصطفاف قيادات الحوثي للسلام عليه وبرفقته الوفد العماني، كان حدثاً غير متوقع لدى رواد التواصل الاجتماعي، مما جعل هذا المشهد يأخذ حيزاً كبيراً من التداول والحديث عنه في كلا الاتجاهين، إلا أن أشياء كثيرة كانت غير واضحة أو بالأحرى غير ممكنة القراءة إلا في حالة التأني والعودة إلى مراجعة مراحل دعوات التفاوض مع السعودية التي كان الحوثي نفسه يقوم بها سراً، وكذلك تلك التي كان يدعو إليها الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح -رحمه الله.
كان المشهد أن الحضور جميعاً في لقاء الوفد السعودي والعماني، يمثل فئة واحدة وطائفة واحدة وربما يمكن القول محافظة واحدة، مثّل الحضور جميعهم من قيادات الحوثي، وينتمون جميعهم إلى محافظة صعدة، هذا يعطي صورة واضحة أن الحوثي لا يمكن أن يقبل بأطراف أخرى حتى وإن كانت موالية له تمارس الظهور مع الأطراف المؤثرة الخارجية في الحرب اليمنية، هو مشهد مؤثر لقيادات المؤتمر الشعبي العام، وربما أوضح صورة على درجة الإقصاء والتهميش في وقت يجب أن يكون الحوثي مدركاً لها وبأهمية مشاركة الآخرين.
يريد الحوثي أن يكون وحيداً في رأس السلطة، وحيداً في التفاوض، ووحيداً في ممارسة الحكم على الآخرين، لا يحب أن يشاركه أحد، ولا يحب المنازعة في الملك، ولذلك أدرك أن خطراً عليه كبيراً كان موجوداً يتمثل بالرئيس علي عبدالله صالح، لأن أي مفاوضات أو حوار لن يستطيع الحوثي البروز وحده، لأن القوة المعنوية والكاريزما التي كان يتمتع بها صالح تعيق أن ينفرد وحده بأي أحداث قد تكون مشتركة، كان الحوثي يدرك أن بقاء علي عبدالله صالح سوف يمنحه القوة لتمثيل الشمال والاستفراد به.
لو كان علي عبدالله صالح حياً لما كان مشهد استقبال السفير السعودي بصنعاء بهذا الشكل وبهذه العنصرية المقيتة التي انفرد بها الحوثي وعزل بقية شركائه كما يسميهم، لو كان صالح حياً لما تمكن الحوثي أن يطوي الشمال في إبطه ويتاجر باسمة حرباً أو سلماً، ولكن النظرة البعيدة والرؤية التي يمتلكها الحوثي كانت تذهب به إلى الاندفاع نحو قتل صالح والتخلص منه بأي ثمن، كانت الرؤية الحوثية واضحة وهي التخلص من صالح، وبغض النظر عن إعلانه فك التحالف معه، كان الحوثي سوف يرتب أمر التخلص منه بأي وسيلة.
الحوثي يريد أن يكون وحيداً في الشمال وقوياً، وكان علي عبدالله صالح يريد صنعاء لكل اليمنيين، كان الحوثي قوياً بسلاحه، وكان صالح قوياً بحضوره الشعبي، والخطورة أن الشعب أقوى من السلاح والإرهاب، وهنا كان التجلي الحوثي بالإسراع في التخلص من صاحب القوة الجماهيرية والحضور الشعبي واستلابها بالإرهاب.