ماذا لو أن كل الأطراف انصتت لصوت العقل والمنطق، ودعوات الحوار التي نادى بها الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح منذ اليوم الأول لانطلاق عاصفة الحزم؟ كانوا جميعاً سيقطعون الطريق كلياً على هذا الدمار ويصونون الدماء والوطن بكله.
ما الذي تغير فيما نراه اليوم من تقاربات للسلام وتوافقات عن تلك الدعوات التي أطلقها، رحمة الله عليه؟ الحقيقة لا شيء، فقط زادت فاتورة الحرب، وازداد رقم الضحايا وتفاقمت المأساة وأصبح حال اليمن لا يسر صديقا أو حتى عدوا.
وإذا ما تساءلنا عن السبب خلف ذلك كله، سنجد أن رغبة المخرج العام للعبة، وارتباط الجماعات والأحزاب ومختلف التيارات السياسية والعسكرية في اليمن بقوى إقليمية كانت لها مشاريعها ونزواتها التي تريد تحقيقها على حساب الدم اليمني للأسف، والمؤسف والمحزن أكثر هو التنفيذ بأياد يمنية ادعت جميعها حمل لواء الوطنية وحماية الشعب.
ما يحدث اليوم كشف الجميع، خصوصاً أولئك الذين تشدقوا كثيراً بأنهم مستقلون وأحرار وأعني هنا جماعة الحوثي، التي ظلت تسوق الوهم والشعارات الرنانة لليمنيين مدعية أنها جماعة وطنية ترفض التبعية والارتهان للخارج، رغم أن الوقائع شهدت آلاف المرات بأنهم مجرد منفذين لمخطط استهدف اليمن وشعبه ومستقبله، وهذا ما يعرفه الشعب منذ الطلقة الأولى في تاريخ هذه الجماعة المتعطشة للدم والسلطة شأنها شأن أغلب جماعات الإسلام السياسي في بلادنا.
لقد ظهر الحوثيون على حقيقتهم مهما زايدوا وحاولوا تغطية فضيحتهم، وانكشفت عمالتهم وتبعيتهم المذلة لطهران، فبعد الاتفاق السعودي - الإيراني، وعودة العلاقات بين البلدين وتوافقهم على مصالحهم الخاصة في الرياض وطهران، بعد ذلك كله شاهدنا المرونة الحوثية والموافقات السريعة لإنجاز كثير من الملفات العالقة، وهذا بلا شك انعكاس مباشر للاتفاق السعودي الإيراني، ودليل على الأوامر التي صدرت من طهران للحوثيين للمضي قدما في تحقيق السلام اليمني، لتظهر الجماعة بأنها مجرد أداة وقاتل مأجور يؤمر وينفذ ما يتم أمره به سلما أو حربا.
ولنا أن نتأمل ونسأل أيضاً: ما الفرق بين ما قامت به جماعة الحوثي خلال اليومين الماضيين وبين دعوات الزعيم صالح، الذي خونوه وشيطنوه وقاتلوه وقتلوه؟ ألم تكن دعوته تحمل ذات المضامين التي نسمعها اليوم في صيغ الاتفاق المزمع التوصل إليه؟ ألم تكن دعوته التي أطلقها في 2 ديسمبر 2017 هي نفس ما يتم تنفيذه اليوم، الفارق الوحيد أنه حاول التقليل من فاتورة الحرب والمآسي التي تجرعناها من 2017 إلى 2023، فهل ما دعا به صالح خيانة، فإن كان خيانة كما يصنفه الحوثيون فهم اليوم خونة وهذه صفتهم الحقيقية، وإن كان عملا وطنيا وشجاعة للوصول إلى السلام، فلماذا اغتالوه؟
رحمك الله يا صالح، ونسأل الله أن ينال اليمنيون حقوقهم ويتخلصوا من لوثة العمالة والارتهان للمخططات الخارجية الهدامة التي حولت اليمن إلى بحيرة دم ودمار منذ 2011 وحتى اليوم.