من المؤسف، بل والمخزي أن تبقى نخبنا الشمالية، السياسية والعسكرية أسيرة ثقافة تقليدية لا تقوى على مجابهة الواقع المعقد بفكر جديد، وبالتالي تمر على الشعب اليمني أعتى أنواع الإحن والمحن مثل: حالة الانقلاب والإرهاب الحوثي، وتخادمه مع مشاريع داخلية وخارجية تشبع رغبته الظلامية والدموية وحلمه بخرافة الاصطفاء، وسعيه الحثيث إلى السيطرة على كل اليمن وفرض منهجه السلالي بمختلف الأشكال، من خلال استغلاله لمؤسسات الدولة في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرته لتفخيخ حاضر اليمنيين ومستقبلهم، كل ذلك جرى ويجري وعقل النخب الشمالية لا يغشاه التغيير، بل يتشبث بفكر يصر على أن يكون خارج المنطق ومستجدات المرحلة والواقع، بل يحاول أن يحكم على الواقع بفلسفة تاريخ تقليدية.
غفلة النخب الشمالية بمختلف أطيافها، غفلة موروثة كما يبدو، تنتجها خيالات وأفكار بالية، خلّفت حلقات مفرغة ومحكمة الإغلاق، ولهذا تحتاج لكسرها والشب عن طوقها لتغير في طريقه التفكير السائد في حيز هذه النخب، ولهذا ترى البعض من تلك النخب لا يجيد سوى التحسس من أي موقف لوحدة الصف الجنوبي، ولديها حساسية مفرطة تجاه ذلك بصورة غريبة غير منطقية، لا تعرف لها تفسيرا.
إن تغيير الواقع الصعب في الشمال اليمني خاصة، وفي اليمن عموماً، يحتاج أن تدرك هذه النخب مسؤوليتها، وتعرف أين توجه بوصلتها، وماذا يجب عليها فعله، حتى لا تبقى مجرد إرث سيئ، لا دور له في حاضر ومستقبل اليمن، فاليمن وشعبه ونظامه الجمهوري، اليمن القوي المتسع لكل أبنائه، يحتاج من هذه النخب إعادة ترتيب بيتهم من الداخل ومواجهة مع النفس لكل فرد منهم وخاصة الذين قد بلغ زمنهم وهم يخلقون هذا المشهد البائس الممزق والتائه.