يمكن اختصار معركة الإنسان العربي في الألفية والنصف الماضية بعنوان واحد هو "المعركة ضد الاستبداد".
الاستبداد الديني، الاستبداد السياسي، القهر الاجتماعي، النهب المالي.
توحشت الدولة السلطانية، أو دولة الخلافة/الإمامة بوجهيها السني والشيعي في الاستبداد والطغيان الشامل.
صادرت الحقوق السياسية للمسلم بعد تحويل الخلافة من اختيار شعبي إلى قدر إلهي عند السنة واصطفاء إلهي عند الشيعة وتحويل الخليفة (الإمام) إلى نائب الله على الأرض.
وصادرت الحقوق الشخصية والمدنية بعد إلغاء حرية العقيدة (حد الردة)، وبعد تغول النص الديني وتحكمه في كل جوانب حياة المسلم من العبادة إلى الأكل والنوم واللبس والمشي.
كل حركة وسكنة مرسومة مسبقا ولا حرية للمسلم إلا الطاعة.
وصادرت الحقوق المالية للمسلم بعد تحويل الزكاة والعشور والجبايات إلى فرائض دينية لا يرفضها إلا كافر.. (ربما يكون الإسلام هو الدين الوحيد الذي اعتبر فقهاؤه أن دفع ضريبة مالية شرط للبقاء فيه).
وصادرت حتى حقه في الحياة بعد تحويل الجهاد إلى فريضة دينية، وفتح باب التجنيد الإجباري على مصراعيه وقذف شباب وأطفال المسلمين إلى جبهات الموت دفاعا عن مشاريع الخليفة.
بعد إلغاء مؤسسة الخلافة لم يتغير الوضع كثيرا.
خرجت الدولة العربية الحديثة قليلا من السيناريو الاستبدادي السلطاني بتخليها عن جانب الضرائب والجبايات، لكنها استمرت في مصادرة الحقوق السياسية والمدنية والشخصية والمالية.
وبعد انهيارات الربيع العربي عادت بعض الدول مثل اليمن للسقوط في سيناريو الدولة الاستبدادية السلطانية القائمة على وظيفتي جمع الضريبة وإقامة الجهاد.
لكن المواطن المسحوق هو الذي يدفع ضريبة المال (زكاة، ضرائب، جمارك، مجهود حربي)، وضريبة الدم (الموت على الجبهات)..
إنه مواطن بلا حقوق، لكنه مثقل بمئات الواجبات والالتزامات التي يتم تشريعها بالدين والقهر والإرهاب.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك