للضباع سمعة سيئة.
في طفولتي كنت أسمع قصصاً مرعبة عن الضباع في اليمن (الطواهش حسب التسمية الشعبية).
ورغم وجود وحوش أخرى في الغابات والأحراش إلا أن الضبع كان البطل الشرير في الحكايات الشعبية بلا منافس.
وكانت حكايات الضحايا البشرية للضباع أفلام رعب شفهية تقلق مخيلات طفولتنا.
ومن تهاجمه الضباع يختفي أثره تماما كأنه لم يكن.
أما أصواتها فهي أشبه بالضحكات الساخرة لشريري أفلام الجريمة والرعب.
ضحكة المجرم السيكوباثي وهو يغرز خنجره في قلب الطفل.
عندما كبرت، وقرأت عن الضباع وحياتها عرفت السبب.
أغلب الوحوش تقتل فريستها قبل أكلها.
لكن الضباع تأمل فريستها وهي حية. تهاجمها من الخلف أو من أبرز نقاط ضعفها: الأفدام والبطن.
تمزق عضلات أقدامها حتى تعجز عن الهروب، وتبقر أحشاءها لتلتهم الأحشاء الطرية وتلتهم ما تبقى من الفريسة وهي لا تزال حية تشاهد اختفاء اعضاء جسدها في بطون الضباع بعيون مفتوحة على اتساعها رعبا وألما فوق أي تصور.
تلتهم الضباع كل شيء حتى العظام. لا شيء يبقى من الفريسة ليدل على مصيرها.
التهام الضباع للفريسة، جريمة كاملة لا تترك أدلة عليها.
فهمت سبب تصدر الضبع للبطولة الشريرة. وعندما أشاهد ما تفعله الميليشيات بأوطاننا وناسنا، لا أجد صورة تعبر عنه أفضل من صورة قطيع ضباع تنهش فريسها وتأكلها حية، وتختفي آخر قطعة منها داخل أحشائها وقلب الضحية لا يزال حيا بنبض بعد أن سقط على الأرض في غمرة التمزيق والالتهام.
لقد هاجمتنا ضباع الميليشيات وهزمتنا. وما من دليل يبقى على جرائمها فهي تلتهم كل شيء حتى صراخ الضحية.
من صفحة الكاتب على اكس