في الوضع اليمني مع حالة اللاحرب واللاسلم، ومع غياب النخبة السياسية عن تفسير هذه الظاهرة التي بدأت منذ عام ونيف وحتى الآن بدون إيضاح أو توضيح لما يجري، وجد الناس أنفسهم بدون إدراك حقيقي لما هم فيه، وإلى أين ذاهبون، وتملكتهم صور شتى من المستقبل الذي يمكن أن يكونوا عليه إذا استمر الوضع على حاله، أو فُرض الواقع بكل تفاصيله وأطرافه على الجغرافيا المتشضية إلى رقع صغيرة.
لا إجابات من النخبة السياسية التي توارت عن المشهد وشاشة الإعلام، غياب أنتج واقعا مأساويا في المناطق المحررة، في المقابل يستثمر الحوثي الجهد والوقت في بناء قدراته وتطييف المجتمع الشمالي وتجنيده وتسليحه فكراً وثقافةً بشتى الوسائل، مستهدفاً الفئة العمرية الصغيرة التي أوغل في تدجينها وغرس مفاهيم ثقافته وفكره، مع كل هذا يجد الكاتب نفسه في دائرة من التيه والبحث عن المعاني التي تكشف الحقيقة وتسند الناس في ظروفها الصعبة.
الكتابة في فضح الحوثي وكشف حقيقة ما يقوم به وخطورة استمراره هو عمل انصبت جهود الكثير في الكتابة عنه، وبشكل دائم ومستمر، ولكن في المقابل يجد الكاتب شحة في الكتابة عن دور الشرعية وأطرافها وخاصة تلك التي تسيطر على مفاصل الشرعية وقراراتها، لأن دورها ضئيل لا يستحق الإشادة به، وليس له أثر في مقارعة شيطنات الحوثي وسياساته، وليس لها قيمة تعزز من صبر الناس وصمودهم وتفاؤلهم في التحرر وعودة الشمال.
الناس تدرك خطورة الحوثي وتعرف ذلك، لأن الجميع ذاق المرارة، والكتابة عن الحوثي وشيطناته بدون أن يتخلل هذه الكتابات أصوات وصور وتحركات لأطراف الشرعية تقود الجهد والصبر والوقت لتحقيق إنجاز وانتصار من أجل الناسِ.
ليست الكتابة وحدها الموجهة لكشف حقيقة الحوثي هي ما يريده الناس، بل إن من الضروري أن يكون هناك ما يكشف عن دور الشرعية في هذه المعركة لتعزيز ثقة الناس بها.
اتجاه الشرعية صوب تحقيق وعد الإنجاز مهم جداً للكاتب، ليتمكن من دحض أكاذيب الحوثي، ومهم جداً لأن يعزز كتاباته بشواهد حقيقية وملموسة، وما دون ذلك يبقى سؤال الناس: ماذا أنجزوا من أجل التحرير والعودة إلى صنعاء؟