محمد عبدالرحمن
أسباب وراء "الاستعراضات" الحوثية المتكررة خلال الفترة الأخيرة
تعتمد مليشيات الحوثي لإيصال رسائلها إلى الأطراف الداخلية المناوئة لها وكذلك إلى المجتمع في مناطق سيطرتها على الاستعراضات العسكرية كوسيلة من ضمن وسائل أخرى للتهديد والتحدي، وهي رسالة أقوى إلى المجتمع الذي تسيطر عليه وخاصة في المحافظات التي لم تتمكن من التغلغل فيها نظراً للعقيدة الدينية التي يؤمن بها المجتمع والتي ترفض فكر الحوثي وطائفيته وتقاومه بشكل مباشر وغير مباشر بشتى الوسائل الممكنة.
في الاستعراض الأخير الذي حدث في محافظة إب، أراد الحوثي أن يصبغ رسائله بالصبغة التي يتقنها وهي الأداة العسكرية، حيث عناصره التي استعرض بها كانت قد قدمت سيراً على الأقدام من محافظة ذمار، في صورة استعراضية استفزازية، مفادها أن أي تحرك أو تمرد أو انتفاضة في محافظة إب لن يتم التهاون معها وسيتم وأدها في مهدها، وأن الاستمرار في عدم القبول والخضوع للولاية التي ينادي بها الحوثي سيكون ثمنها باهظاً.
يسعى الحوثي لأن يتمكن من محافظة إب، لما تمثله من أهمية كبيرة تعزز من تماسكه في محافظة تعز، وخاصة بعد أن تمكنت المقاومة الوطنية في الساحل الغربي تثبيت أقدامها وامتد نفوذها إلى تعز وبدأت تعد كل إمكانياتها للتحرك صوب محافظة إب، حيث الأغلبية الجماهيرية تؤيد وتؤمن بالمبادئ التي تتمسك بها المقاومة الوطنية وهي الجمهورية والدولة والديمقراطية.
يحشد الحوثي قواته ويستعرض بها في سباق مع الزمن، واستباق لأي تحرك في الجانب السياسي قد يؤدي إلى تزايد الغضب الشعبي تجاهه بسبب فشله الذريع في إقامة دولة الحق والعدل على الأقل في مناطق سيطرته، وبسبب الطائفية التي يحاول تكريسها في المجتمع للسيطرة عليه، وهذا ما يجعل من استعراضاته العسكرية المتكررة دليلا على تخوفاته من اشتعال الغضب الشعبي الذي سوف تعززه المقاومة الوطنية بسلاحها ودماء جنودها.
طوال سنوات الحرب لم يستطع الحوثي تقديم نموذج إيجابي للحكم، ولم يتمكن من فرض أدبياته الطائفية على كل المحافظات التي يسيطر عليها وخاصة محافظات: إب وتعز والبيضاء، ولهذا يكرر استعراضاته العسكرية لتبقى صورة القبضة الأمنية على ذروتها وخاصة مع استمرار حالة اللاسلم واللاحرب لمنع أي تحركات شعبية وجدت في الهدنة فرصة للمطالبة بالحقوق.