د. صادق القاضي
"جماعة تعز" واغتيال المسئولين الأمميين.!!
مجدداً. وعلى غرار جريمة اغتيال مندوب "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، مسئول "برامج الاحتجاز في اليمن". اللبناني "حنا عبود" في منطقة "الضباب" في 21/ 4/ 2018م. تم مؤخرا. اغتيال الأردني "مؤيد حميدي" رئيس فريق "برنامج الغذاء العالمي" في "التربة"، الجمعة 21 يوليو. 2023م.!
العلاقة بين الجريمتين لا تخطئها العين، ولا شك أن "الجهة" التي خططت لهما ونفذتهما واحدة، وضمن أجندة واحدة وهدف واحد.. وفي مجال سيطرة "جماعة" "سلطة أمر واقع" واحدة، كانت تحكم "الضباب"، ثم تمددت لتسيطر على "التربة"، مصطحبة معها نفس الظواهر الإشكالية ذات العلاقة بالأمن والسلم ووضع المنظمات الدولية في نطاق سيطرتها.
قبل سنوات قليلة. كانت "تعز المحررة". المدينة، والضواحي التابعة لسلطة الأمر الواقع فيها. غارقة. أكثر مما هي اليوم. في الفوضى والعنف والجريمة.. ومنطقة خطرة بالذات بالنسبة للمنظمات الدولية المعنية بتقديم الإغاثة والمساعدات الإنسانية بالغة الضرورة والإلحاح بالنسبة لمنطقة مكتظة بالسكان وتعيش ظروفا استثنائية في ظل الحرب والحصار.
هذه الظروف الأمنية الخارجة عن السيطرة.. اضطرت "برنامج الغذاء العالمي" لفتح مكتبه، بدلا من المدينة. في منطقة "التربة"، التي كانت حينها تتوافر فيها عناصر الأمن ومظاهر الدولة في ظل سيطرة اللواء 135 بقيادة الشهيد "عدنان الحمادي"، وإدارة أمن حازمة بقيادة مدير الأمن "عبد الكريم قاسم".
بتصفية الأول أواخر عام 2019م. ، وإزاحة الثاني. خلال 2020م. سيطرت "الجماعة" على هذه المنطقة التي كانت آمنة، فباتت مرتعا للفوضى والانفلات الأمني والعناصر والخلايا الإرهابية.. ولا شك أن لهذه الفوضى والانفلات علاقة موضوعية بجريمة اغتيال رئيس فريق "برنامج الغذاء العالمي" فيها.
لكن هذا لا يفسر كل شيء، فالرجل لم يُقتل برصاصة طائشة لأحد المسلحين، ولا برصاص عصابة كانت تنوى السطو عليه أو سرقة سيارته.. وكما في حادثة اغتيال "حنا عبود". نحن أمام جريمة إرهابية مدروسة بعناية ومخططة جيدا، وتستهدف مباشرة المنظمات الإنسانية الدولية التي تحاول أن تعمل بشكل مباشر في المحافظة.
بعبارة أخرى: نحن بحاجة إلى معرفة الدوافع الحقيقية لهذه الجريمة وغيرها، بشكل قضائي رسمي مسئول، لكن المشكلة أننا هنا. لسنا أمام دولة، بل جماعة، وكأي جماعة دينية مسلحة. وصلت إلى السلطة على غفلة من الزمن.. لا تتعامل بمنطق الدولة، ولا تشعر ولو بالحد الأدنى من مسئولياتها الأمنية والقضائية.
منذ اللحظة الأولى. تعاملت هذه الجماعة مع جريمة اغتيال "مؤيد حميدي"، بنفس طريقة تعاملها مع جريمة اغتيال "حنا عبود". من قبل، وبهزلية صبيانية يلخصها المثل العربي الشهير: "رمتني بدائها وانسلت". أي التنصل عن مسئولياتها المباشرة، وإلقاء التهم جزافا على أطراف أخرى "خصومها". في إطار تصفية حساباتها التي لا تنتهي مع الآخرين.!
والمؤكد أنها ستتعامل مع الحيثيات والإجراءات الجنائية بنفس طريقتها السابقة: القبض على متهمين، ثم الإفراج عنهم، وإقفال ملف القضية على هذا الغموض المريب.. ما يستوجب ضرورة وجود فريق تحقيق دولي أو على الأقل تابع لحكومة الشرعية. لإجراء التحقيق بمهنية وشفافية تضع حدا لتبادل التهم، وتقدم الحقيقة بمسئولية أمام العدالة والرأي العام.