د. صادق القاضي
ماذا يعني تشكيل "المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية"؟!
ما معنى قيام "حزب الإصلاح"، فرع جماعة "الإخوان" في اليمن، مؤخرًا، بالإعلان من "مأرب" عن توافق (جميع فصائل ومجالس المقاومة الشعبية في اليمن) على:
أ- "التوحد ضمن كيان واحد اسمه "المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية".
ب- "اعتبار هذا المجلس "ممثلا شرعيا" للمقاومة الشعبية في اليمن".
هذا المجلس لا يمثل "جميع فصائل ومجالس المقاومة الشعبية في اليمن"، فأكثرها وأكبرها وأهمها لم تُستدعَ أصلا إلى المؤتمر الذي انبثق عنه هذا الإعلان.!
وبالتالي فإن شرعيته الحصرية لتمثيل المقاومة الشعبية في اليمن، دعوى زائفة، مجرد محاولة جديدة خائبة لاحتكار المقاومة الشعبية، والتحرك والتحدث والمزايدة والابتزاز باسمها.!
لكن هذا لا يقلل من أهمية الحدث والإعلان المنبثق عنه. يكفي فقط أن يؤكد على وحدة كيان وقرار الميليشيات والقوات المسلحة التابعة لهذه الجماعة في مختلف المحافظات المحررة!
وهي، في الحقيقة، قوة ضاربة تتألف من عشرات الميليشيات في مأرب وتعز وحضرموت وأبين.. وغيرها، بجانب جزء كبير من الكتائب والألوية التابعة لهذه الجماعة، والمتوارية خلف الزي العسكري.
بعبارة أخرى: هذا المؤتمر والإعلان بمثابة استعراض رمزي للقوة العسكرية الضاربة، لهذه الجماعة، وكأي استعراض مماثل، يتضمن رسائل محددة لأطراف مستهدفة.
مفاد الرسالة: أن الإخوان في اليمن، رقم صعب لا يمكن الاستهانة به أو تجاهله من قبل أي طرف، في أي معادلة أو تسوية سياسية راهنة أو مستقبلية.
هو تلويح مبطن بقدرتهم وجاهزيتهم العالية لإشعال معركة شاملة في أي وقت.!
لكن ضد من؟!
بطبيعة الحال. هذه الرسالة ليست موجهة لـ"الجماعة الحوثية"، خاصةً وأن جماعة الإخوان غيرت بوصلتها عكس الاتجاه الحوثي منذ سنوات طويلة، لصالح نزاعاتها مع شركاء القضية والمقاومة.
كما أن صدور هذا الإعلان في هذا التوقيت ضمن مرحلة محكومة بالهدنة تجاه "الحوثي"، يجعل الرسالة موجهة بشكل قوي وواضح لأطراف دولية وإقليمية ومحلية.. ذات علاقة بالقضية والمقاومة اليمنية.
على المستوى الإقليمي والدولي: إعلان هذه الجماعة عن كونها قوية متماسكة، وما تزال مسيطرة على مجمل واقع المقاومة على الأرض، بمثابة رسالة تطمين وابتزاز لحلفاء ورعاة، مثل تركيا وقطر، كما هو رسالة تحذير لخصوم مثل الإمارات وربما السعودية.
على المستوى المحلي: الرسائل أكثر حساسية ومباشرة. هذا الحدث الاستعراضي، يتضمن رسائل عديدة لكثير من الأطراف، على رأسها: "المجلس الانتقالي" في الجنوب، و"المجلس السياسي" وقوات المقاومة الوطنية" في الساحل الغربي، فضلا عن الحكومة الجديدة "للشرعية" برئاسة "مجلس القيادة".
لا حاجة لتأكيد العداء المرير بين ميليشيات الإخوان و"المجلس الانتقالي" الذي شكل، وما زال يشكل، جدارا ناريا أمام مشاريع الإخوان في الجنوب، في سياق صراعات ومواجهات سابقة وما تزال الأمور ملتهبة في أبين وشبوة وخاصة في حضرموت.
أكثر من ذلك عداء الإخوان تجاه "المقاومة الوطنية في الساحل الغربي"، من وجهة نظر إخوان اليمن هذه "المقاومة الغربية" حالت في تعز دون مشاريعهم الماثلة بالتوسع غربا، والسيطرة على "ميناء المخا" كبوابة بحرية لعلاقاتها الخارجية مع حلفائها، من عناصرها، والدول الراعية لها كقطر وتركيا.
وصولا إلى حكومة "الشرعية". تشكيل "مجلس القيادة" أطاح بجزء كبير من سيطرة هذه الجماعة، وحد من نفوذها الجارف السابق، وهذا الإعلان "رسالة فيها تحذير وتهديد وابتزاز"، بمعنى: نحن ما نزال القوة الفعلية، وسادة الأمر الواقع على الأرض، ولدينا حقوق ومطالب قادرين من أجلها على عرقلة كل توجه، وإصابة الدولة كلها بالشلل.
..