محمد الشوافي

محمد الشوافي

الصلاة البتراء في العقل الشيعي

Monday 14 August 2023 الساعة 06:16 pm

لطالما ردد الشيعة على مسامعنا أن الصلاة على الرسول دون آله تعد صلاة بتراء، وكأنهم لم يقرؤوا قوله تعالى: 

«إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما». 

فالله في محكم آياته أمر المسلمين بالصلاة على الرسول دون أن يتطرق لغيره.  

فلم لم يشمل أمر الله الصلاة على غير نبيه كما هو واضح في الآية؟! 

أنا هنا لا أنكر على من يضيف الآل في صلاته، ولكني أنكر إصرار أولئك على وصف الصلاة القرآنية بالبتراء.

نحن في الحقيقة لا تخفى علينا دوافعهم المتمثلة بفهمهم لمعنى ال"آل"، فهم يعتقدون أن المقصود بها ذرية علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، دون سواهم، بينما الدلالة اللغوية والسياق القرآني لمفهوم الآل يشير إلى الأتباع. 

ففي القرآن «ادخلوا آل فرعون أشد العذاب» 

فهل المقصود بالآل في هذه الآية هم الأولاد أم الأتباع؟! 

لا شك أننا جميعا نعرف أن فرعون كان بلا أولاد وهو ما دفعه إلى قبول مقترح تبني موسى عليه السلام «عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا» ثم ما ذنب أولاده ليدخلوا النار بجريرة أبيهم إن ذهبنا إلى هذا المعنى للآل. 

من الآية يتبين لنا أن المقصود بالآل هم الأتباع-أي الأتباع بالمعتقد لا الصحبة- بدليل قوله تعالى: «وقال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه..» 

فالمعنى في هذه الآية الأخيرة يدل على تبعية الصحبة لا المعتقد، فالرجل المؤمن يتبع فرعون صحبة لا معتقدا. 

ومثل ذلك قوله أيضا: 

« إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين» 

«..  أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم قوم يتطهرون» 

«إلا آل لوط نجيناهم بسحر».

فآل لوط بلا شك أتباعه كما هو واضح من سياق الآيات السابقة. 

ومما ينبغي لنا الإشارة إليه هو أن كل ما سبق ليس كل أدلتنا على ما ذهبنا إليه لتبيين معنى الآل، فمعاجم اللغة هي الأخرى طافحة بالمعنى نفسه أيضا. 

وفي التشهد الإبراهيمي دليل آخر على أن المقصود بالآل هم الأتباع،  فالله سبق أن صلى على آل إبراهيم، وثبت صلاته عليهم، فلو كان المقصود بآل إبراهيم ذريته، لكان الله صلى على كفار بني إسرائيل كونهم من ذريته أيضا، وإيغالا فيما سبق يدعي اليوم شارون ونتنياهو أنهم من ذريته أيضا.

 فكيف يصلي الله على ذرية إبراهيم ومنهم من كفر بالله وقتل الأنبياء؟! 

لا مخرج أمامنا من هذا الإشكال سوى التسليم بأن المقصود بآل إبراهيم هم أتباعه لا ذريته. 

والذين يذهبون إلى القول بأن المقصود بالآل في الصلاة الإبراهيمية هم الذرية، لا شك أنهم قد أخطأوا خطأ بليغا لما سبق من الأدلة التي قدمناها. 

ولا ريب أن المصرين على فهم غير ما سبق تدعوهم الرغبة في استعباد الناس، فضلا عن الجهل والعصبية والاستحمار ليس إلا.

«فبأي حديث بعده يؤمنون»..