محمد العلائي
الثورة ودلالة تاريخية في مسار اليمن الحديث
اطلعت على مقالين صحفيين مصورين عن صنعاء نشرتهما مجلة العربي الكويتية.. الأول عام 1963م، والثاني 1970م.
أكثر ما لفت نظري في المقال الأول 1963م، إشارة الكاتب (سليم زبال) إلى قرارين أصدرتهما الحكومة الجمهورية في ذلك الوقت والتي لم يكن مضى على قيامها سوى عام واحد:
- قرار بإلغاء جباية الزكاة قسراً، وتركها أمانة في ضمير كل يمني يؤديها من تلقاء نفسه متى استحقت عليه.
- وإعفاء التجار من دفع الضريبة على أجهزة "الراديو" التي كانوا يستوردونها من الخارج عن طريق ميناء عدن -بحسب المقال- إيماناً من الحكومة بأهمية الإذاعة كوسيلة اتصال وحيدة متاحة للتخاطب مع الشعب وذلك قبل توفير مطبعة وصحافة [ابتداءً من ذلك العام تقريباً]، فكان كل صنعاني -كما يقول الكاتب- يحمل بيده جهاز راديو أو ترانزستور.
ومما لفت انتباهي كذلك إشارة الكاتب في المقال الأول إلى أن عدد سكان صنعاء كان يبلغ حينها -أي بعد عام واحد فقط من قيام ثورة 26 سبتمبر- حوالي 60 ألف نسمة.
وفي المقال المصور الثاني الذي نشرته العربي بعد زيارة ثانية لصنعاء عام 1970م، يذكر الكاتب بدهشة كبيرة كيف أن عدد سكان صنعاء أصبح 170 ألف نسمة، ما يعني أنه ارتفع ثلاثة أضعاف عما كان عليه قبل 7 سنوات.
لتلك الزيادة وحدها دلالة تاريخية مهمة في مسار تكوين اليمن الحديث، وأيّ دلالة؟!
* * *
"وكانت مجالس المسؤولين في اليمن (في عهد الإمام يحيى) تناقش الحكم في يد المفضول على الفاضل، أو العكس، ومن أشعر شوقي أو حافظ؟
ومن جر على تركيا الويل، حكم عبدالحميد المستبد، أو حكم حزب تركيا الفتاة؟
وهكذا كان ينعقد الجمع لإحياء الميت بدلاً من إحياء الحي، كمسألة فظائع الضرائب على الفلاحين، كافتتاح مدارس ولا رنَّ مثل هذا السؤال: هل تكفي الشعب اليمني ثانوية ومتوسطة بصنعاء، وثانوية ومتوسطة في تعز، ومتوسطة بحجة؟
ولم يشيروا إلى التعليم الابتدائي الذي هو إجباري في شعوب العالم؟
فما كان "الإمام" إلا متلهياً بتلك اللحى والعمائم، وما كانت تلك اللحى تحمل قلقاً على مستقبل الوطن ولا لها همّ لمشروع وطني عمراني استثماري، ولا لانتعاش ثقافي.. وكان الأقرب إلى الذهن أن يتساءلوا عن تغيير صيغة الواقع، وكيف يقاومون الاستعمار في الجنوب الذي كان يحاول بعد احتلال ميناء الحديدة أن يحتل باب المندب، ولم يسألوا الإمام: لماذا حارب الزرانيق عاماً وشهوراً، وما جاد بطلقة على المعسكر البريطاني في ميناء الحديدة الذي احتله بعد هروب "يحيى الإدريسي" خال المؤسس الأول "محمد علي" إلى "الدرعية"، ويبدو أن لهذه الظواهر امتداداً"
البردوني، "تبرُّج الخفايا"، ص133
* * *
يرفض المستشرق الكبير جولدتسيهر (توفي 1921م) المزاعم التي تقول بأن التشيع يمثل "الروح الحرة" في مواجهة "العقلية السامية العربية المتحجرة" التي تعبر عنها السنة.
يقول جولدتسيهر -وهو محقّ في ذلك- أن "التعاليم الشيعية هي بالأحرى التي تشبعت بالروح الاستبدادية المطلقة"، مضيفاً إنه عند المقارنة بين الأفكار الدينية من حيث الجمود والسعة والضيق ودرجة التسامح مع أصحاب الملل الأخرى، فإنه "يلزمنا أن نضع الشيعة في مرتبة دون مرتبة الإسلام السني"، (إيجناس جولدتسيهر، "العقيدة والشريعة في الإسلام"، ص231)
* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك