د. صادق القاضي
ما مشكلة علي البخيتي.. وهل هو مشكلة أصلاً؟!
بالنسبة لي لا يمثل الرجل مشكلة، لكنه يظل حالة جدلية عجيبة مثيرة مؤثرة لافتة من حيث كمية وكيفية الخلافات والاختلافات والمفارقات.. التي لا تتعلق بالضرورة بشخصه، بل بخصوماته.
خصومات كثيرة غامضة، وخصوم كثر لا يجمعهم جامع سوى أنهم كلهم ضده!
ما السبب؟!
الطرف الوحيد الذي يمكن تفهم مبرراته، هو الحوثي، الحوثيون يكرهونه لأنه كان رقماً صعباً في حساباتهم، قبل أن يتمرد عليهم، وينحاز ضدهم.
من المهم التركيز على ملابسات هذا التمرد، حسب الظاهر:
متى تمرد؟
في الأيام الأولى لاجتياح الحوثيين صنعاء. قبل عاصفة الحزم.
بمعنى أنه غير انتهازي.. تمرد على جماعة في ذروة قوتها، ولم يقفز من سفينة موشكة على الغرق، وهذا يضفي على موقفه كثيراً من النبل.
لماذا تمرد؟!
بسبب نقض الحوثيين لمبادئهم تجاه الحكم، وعجزه عن منعهم من اقتحام بيوت أشخاص معظمهم قيادات في الإخوان.
بمعنى أن تمرده تم بدوافع مبدئية خالصة، وليس لأسباب شخصية أو مصلحية مباشرة، وهذا أيضاً في صالحه.
من حيث المصلحة كانت مصلحته مع الحوثي، وكان من الممكن أن يكون شخصية قيادية من الصف الأول، أو على الأقل من الصف الثاني ربما في مكان مهدي المشاط رئيس الدولة الكهنوتية.
لكنه تمرد عليهم، وغيّر موقفه منهم من النقيض إلى النقيض. وبالمناسبة من تاريخه وموقفه هو هو، وهذا ينفي عنه صفة التقلب التي يصفه كثيرون بها..
لكن ماذا عن مواقف غير الحوثيين منه؟!
بداية بالإصلاح. أذكر أن الإصلاحيين دشنوا مرة حملة للتهكم من الجروح والكدمات والإهانات التي تعرض لها بسبب دفاعه عن منزل وعائلة أبرز قيادييهم. محمد قحطان.!
سلوك ملفت ومحير ومناقض للمنطق والواجب تجاه شخص ضحى من أجلهم بنفسه ومصالحه كقيادي في جماعة أصبحت سلطة الأمر الواقع، وبيدها مصالح البلاد والعباد!
مواقف غير الإصلاحيين منه ليست أقل غرائبية، وتتوزع مبرراتها الظاهرة بين كونه شخصا ماديا متقلبا انتهازيا بياعا عميلا لدولة أو أخرى.. إلخ.إلخ.
وفي الأغلب: لأنه كان حوثياً عتيداً. هي كراهية بأثر رجعي. تمثل سببا وجيها لمخاصمته، كونه سوّق للجماعة في الأوساط المثقفة أكثر من أي شخص آخر.
لكنه تمرد.. بل وأصبح يهاجم الحوثيين بدرجة أكثر حدة من التي كان يبديها وهو ينافح عنهم، وهذا لم يشفع له عندهم.!
هل لأنه عميل للسعودية كما يقال!؟
هذا هراء.. الجميع عملاء ومرتزقة بشكل أو بآخر، وبافتراض عمالته، فهو بالمقارنة عميل من نوع محترم، كونه غير منبطح كغيره، وينتقد أخطاء دول الخليج بجرأة غير معهودة من الآخرين.
في كل حال للبخيتي شعبيته، لكن هذه الشعبية من حيث الكم والكيف، ليست فقط هي التي تؤهله للمكانة السياسية والعلاقات الدبلوماسية رفيعة المستوى التي يحظى بها على المستوى الإقليمي والدولي.!
هذه العلاقات الدبلوماسية الرفيعة مثيرة للمخاوف والشكوك، كما لو أن الرجل على علاقة استراتيجية نوعية مع دول كبرى تؤهله لممارسة دور مهم في اليمن في الفترة اللاحقة.
هذا يعني أنه شخصية منافسة لقوى يمنية ترى فيه شخصية خطرة على مصالحها القادمة، بما يفسر من ناحيته الحملات ضده باعتبارها جزءاً من معركة الصراع على امتلاك المستقبل.
بعبارة أخرى، بعضهم لا يقلقون من ماضي البخيتي باعتباره كان واجهة الحوثي الإعلامية، بما يمكن معه اعتبار كثير من الانطباعات السلبية ضده كراهية بأثر رجعي.
بل يخافون من مستقبله، فهو بالنسبة لكثيرين خطر قادم، يجب مواجهته بشكل استباقي من الآن.!
وصولاً إلى مسألة الإلحاد. هذا المسألة قاسم مشترك بين معظم خصومه، ووسعت رقعة الخصوم والخصومات، لكنها جاءت متأخرة، عن الخصومات أعلاه، وبالتالي فهي لا تفسرها، خاصة في الأوساط اليسارية والمدنية، وفي كل حال هي بحاجة إلى قراءة مستقلة.