عبدالستار سيف الشميري
إعلام وأقلام طوع جماعات السلاح وأساطين الفساد
مهاد..
واجب رسالة الإعلام وسلطته الرمزية وأصحاب الكلمة والمثقفين والإنسان اليمني عموما بأدواته المتاحة وبما يمتلكه من وعي سياسي كثفته الأيام والأحداث، وبصموده الذي عارك الزمان، وصهر المكان، واجبه قطعا، ومضمون مواطنته حتما، أن يبقى صارخا غاضبا، رافضا لكل هذا الوضع الذي أسسته الحرب وتجارها وذاك قدره، لكن واقع الحال لا يسير على هذا المنوال وتلك إحدى مشكلاتنا ومشكلة من يدعون أنهم في معركة ضد الكهنوت، من أصحاب الإعلام والأقلام..
المبتدأ..
لا يمكن أن يتحسن وضع أو تقف حرب أو يجفف فساد ما لم يبق الجميع في اشتباك بالوطن مهما كانت انشغالاتهم، ووجودهم أو بعدهم وسفرهم، مدافعين عنه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، أقوياء وصارخين في انتقاد دائم يملي ذلك عليهم واقعهم الذميم وحاضرهم العقيم..
لكن كارثة الحرب خلقت تيارا عريضا له شروط وصفات خاصة وطوعته، بما تمتلك من وفرة لخدمتها والتستر على فسادها أو انتهاكاتها..
ليس بالضرورة أن يكون المثقف الذي تحتاجه جماعات السلاح في اليمن التي ولدت في زمن الحرب منحطا، بل ما هو مطلوب أيضا أن يكون مطيعا مطواعا على قدر كاف من الجهل المنظم، قادر على امتصاص كل الأوامر المتعارضة كإسفنجة دون نقاش، ويكون على قدر كاف من الجهل المعرفي، والتطرف الوظيفي، متوسط القدرات والعقل يستطيع أن يسمع ويطيع في كل ظرف وحادث وموقف وحال.
ربما كان هذا أو بعضه من مستلزمات مثقف جماعات السلاح.
الخبر..
سيكون من الأفضل للمثقف المطلوب الآن في مزاد التضليل أن يكون لديه قاموس كبير من البذاءة والشتم، والقدرة على الكذب والتفوق فيه، وأولا ودائما الإبداع في إعلان الولاء المستديم على مدار الساعة.
الجملة..
تلك أبرز السمات التي يمكن أن نتأملها لفهم ظواهر مثقف الساعة الراهنة والقائمة مفتوحة لإضافة سمات أخرى. وشروط أخرى للتنافس في ميدان التقرب المسعور إلى رضا أمراء الحرب وأساطين الفساد ولن يكون صعبا على القارىء أن يغمض عينيه ويمر أسماء كثيرة في ذهنه سوف تستدعيها قراءة هذه السطور، ويُصنفها حسب انتماءاتها، علينا أن نراقب عن كثب هذه الطفرة المفاجئة والصادمة التي انتجت كائنات ثقافية حسب العرض والطلب..
السياق..
يبقى التملق هو سمة لا بد منها ونشر منشورات في هذا السياق من مستلزمات الولا والطاعة، وهي سمة تخرج المثقف من دوره كناقد، إلى دوره المطلوب حاليا وفق العرض والطلب وأحيانا يكون بصورة فجة تسيء حتى للمخدوم وتزيده رهقا فكل شيء يزيد عن حده يكون ضده ولعل البعض أصبح مجبرا عليه في ظل ضيق الحال، الذي يلجئه إلى هذا الهبوط الاضطراري، ويجد كل مبررات فعله وأولها أننا في حالة هبوط في كل مناحي الحياة وجوانبها المتعددة.
العلة والمعلول..
من المؤسف أن لدينا عددا كبيرا من القنوات والبرامج والمواقع ناهيك عن وسائل التواصل المختلفة والأقلام ولو احتشدت جميعها صوب النقد لتم تغيير الكثير، ذلك أن الإعلام ووسائله سلطة وفعل مقاومة، لا سيما في هذه المرحلة
التي لا توسط فيها ولا رمادي ولا حياد.
ولذلك فإن أصحاب الغضب الناعم ودعاة العقلنة، وموظفي التطبيل يحولون الكلمة والإعلام إلى ماراثون تسالٍ وترفيه وصناعة الأصنام.
على سبيل الختم..
إن واجب الجميع لا سيما أصحاب الكلمة، والإعلام والثقافة أن يبقوا في علاقة روحية صوفية، وفي رباط دائم مع أحزان الوطن، يسطرون منه امتدادات نضال ومتاريس مقاومة، وطاقة تحفيزية للجيل القادم، كي يتعلم هذا الجيل أن شرط وجوده على وطنه متصل بمقاومته ووعيه لهذا الواقع المفروض الذي لا يمت بتاريخ اليمن بأي صلة وإنما هو مرض وفيروس طارئ، يحتاج مناعة ويحتاج كورسات علاج متتالية.
لا يكفي بأن نلعن الحرب فقط يجب مقاومة من يصنعها ويتكسب بها أيضا..
وذلك أضعف الايمان.