قبل ما يعرف باستوكهولم كانت المقاومة الوطنية على مشارف مدينة الحديدة، وكانت المعركة تسير حسب الخطة المرسومة لتحرير هذه البقعة الجغرافيا من يد الإيرانيين وذراعهم "الحوثي"، كان الوعي لدى قيادة المقاومة بأهمية استعادة المدينة كبيراً ومدركاً لأهمية إفشال المخطط الإيراني في البحر الأحمر، لكن تشابك المصالح الدولية وغياب الرؤية آنذاك لدى أغلب دول العالم، أدى إلى انحدار المعركة وتراجعها إلى مجرد اتفاق سمي بـ"ستوكهولم".
وعلى الرغم من أن المقاومة الوطنية تمسكت بجزء كبير من الساحل الغربي، وعملت على تحويل المدن المشاطئة للبحر مثل المخا إلى مركز حيوي يربط الساحل بالجبل وقُدمت الخدمات في البنية التحتية، عمدت مليشيات الحوثي إلى تحويل مدينة الحديدة إلى معسكر وخندق لاستهداف الملاحة الدولية والضغط على الدول بالتهديد باستهداف السفن والناقلات البحرية للحصول على مكاسب سياسية أو مادية، والأهم من ذلك هو الحصول على مكاسب تخدم إيران ومصالحها وبرنامجها النووي.
لم يدرك العالم في وقته أهمية استعادة الحديدة من اليد الإيرانية، وكانت المقاومة الوطنية تواجه الضغوطات الكبيرة، وأن موافقتها على "ستوكهولم" يعتبر كمن يتجرع كأساً من الزعاف، لأن هدفها ليس البقاء خلف أسوار المدينة بعيداً عن صنعاء، ولكنها تنظر إلى العاصمة والطريق إليها يمتد من الحديدة، ولكن مواجهة الضغط العالمي وتخوفاته غير المنطقية آنذاك المتعلقة بالجانب الإنساني، كانت هي الوسيلة الضاغطة والتي كشفت الأحداث زيفها.
بقاء الحديدة في اليد الإيرانية خلق أمام العالم معضلة كان بإمكانه تجاوزها، وها هو اليوم يواجه الخطر الذي كان يراوده كحلم في المنام، يستيقظ العالم على المهددات التي طالما تجنب الخوض في تفاصيلها وإزاحتها طيلة السنوات الماضية، الخطر الذي يهدد التجارة الدولية والملاحة في البحر الأحمر والبحر العربي، تحوم الطائرات الإيرانية المسيرة، وتنطلق الصواريخ المجنحة مستهدفةً السفن التي تعبر المضيق، إذا لم تنصع لنداءات التوجه إلى ساحل الحديدة.
إن صوت صواريخ ومدافع "القراصنة" الحوثيين ومن خلفهم الأجندة الإيرانية هي ربما التي تسوف توقظ العالم من سباته عن الخطر، وهي التي سوف تؤكد على أهمية ما كانت تقدمه المقاومة الوطنية من مبررات ذات أهمية كبيرة بشأن استعادة الحديدة وقطع اليد الإيرانية.