على مدى التاريخ ظلت عملية استهبال الناس فيها مصلحة لأطراف كثيرة، وبعضهم كانت بالنسبة لهم عملاً، فرجال التنجيم والشعوذة وحتى بعض ممن كانوا يدعون الدين كانت بالنسبة لهم مهنة، ومصدر عيشهم الوحيد.
من طرائف تلك المهنة، أنه كان رجل دين صوفي في حضرموت، قبل اكثر من 400 سنة، له مكانة دينية وروحية كبيرة ليس في حضرموت وحدها، بل وفي كل المناطق المجاورة، وترسل إليه الصدقات والنذور والزكاة من كل المناطق، وكان يأتي إليه الناس من كل مكان للتبرك فيه، في قضاء حاجة، او في شفاء مريض، او في عودة غائب. الطريف في الأمر انه كان لا يصلي مع الناس، وكل ما كان يفعله وقت الصلاة هو التمدد والاستكانة في مكانه لبعض الوقت، وكان الاعتقاد الراسخ عند الناس الذين حوله أنه ذهب خلال تلك الاستكانة ليصلي في مكة المكرمة، كان من المستحيل حينها على أي شخص ان يقنعهم بان اعتقادهم غير صحيح.
الزمن تغير واساليب التجهيل تغيرت. وجهلك لم يعد فيه مصلحة فقط لأصحاب المهن القديمة، بل ودخلت فيه أطراف جديدة لاسيما في البلدان والشعوب المتخلفة التي ما زالت مثل تلك المهنة لها رواج كبير.
رجال الحكم وقيادات الاحزاب، وزعماء الجماعات والتنظيمات السياسية والدينية، يمتهنون بصورة او بأخرى تجهيل الناس، ولا يشجعونهم على استخدام عقولهم وفهم الحقائق بأنفسهم، كل واحد منهم يريدك ان تعتمد عليه، وان تظل مجرد صدى لصوته، ومرآة لصورته.
طالما في تجهيلك مصلحة وأكل عيش لغيرك فستستمر محاولات تجهيلك، وتتضاعف تلك المصلحة اذا كان يقف خلفها المال أو السلطة.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك