سامي نعمان

سامي نعمان

تابعنى على

تحقيق "بي بي سي" ليس جديداً

Friday 26 January 2024 الساعة 10:15 am

تحقيق بي بي سي ليس جديداً بالمطلق.. هو في الحقيقة إعادة شبه كاملة لمعلومات نشرها موقع أميركي اسمه buzz feed عام 2018.

أتذكر أني، حينها، كتبت عن بعض عيوبه لناحية مهنية كتقييم.

وأيضا مواقف الأحزاب والحكومة لجهة التعامل معه بالجدية المطلوبة كونه يعني الأمن القومي اليمني وليس حزب الإصلاح فقط.

بي بي سي أعادت تحقيق التحقيق والبحث فيه وفي تفاصيله ومواجهة الأطراف المعنية أو المرتبطة.

وهذه خطوة ذكية تحسب لها..

وفي كل الأحوال هذا درس يجب أخذه في الاعتبار.

ليس المقروء كالمشاهد.. والنص ليس كالمادة الحية.

هناك مواضيع بالعشرات نشرت في الصحافة المكتوبة ولم تنل حظها من الاهتمام.

وهو ما يجدر بإعادة إنتاجها وتحديث ما أمكن منها تلفزيونيا أو بالفيديوجرافيك لوسائل التواصل.

***

المنشور السابق نشر في صفحة الكاتب في عام 2018

قرأت نسخة مترجمة من التحقيق الذي نشره موقع BuzzFeed. News عن دور المرتزقة الأمريكيين في تنفيذ الاغتيالات، وهو تقرير صادم وموحش عما يطال أمننا القومي وسلمنا الاجتماعي من عمليات لا يمكن وصفها سوى بأنها إرهابية، صدرت من تنظيم إرهابي أو من دولة استأجرت مرتزقة محليين أو أجانب.

صحفياً، أو مهنياً، فأكثر ما يعيبه، في حال اعتبرناه تحقيقاً حول اليمن أن من أعده وكتبه يبدو وكأنه للمرة الأولى التي يكتب فيها عن اليمن، جمع معلوماته وتفاصيله العامة عن اليمن من خلال البحث في جوجل أو ربما الاتصال بمصدر يمني، ربما لم يدرك كلاهما السائل والمجيب جيدا ماذا يسأله، لكنه لم يكن كذلك وبالتالي فالتحقيق غطى غالبا أبرز محاوره الرئيسية.

موضوع الاغتيالات في اليمن، كان ثانويا، وكان موضوعه الأساسي كيف أن المرتزقة الأمريكيين أصبحوا يعملون لصالح دولة أجنبية في تنفيذ اغتيالات مباشرة، وأخذ حيزا كبيرا للحديث عن تاريخ ومهام المرتزقة الامريكيين في دول أخرى، وطرق التنفيذ.

لو كان موضوعه الأساسي هو اليمن وبما أنه حصل على قائمة باسم و/أو صور  23 شخصا مستهدفا لكان بذل جهدا في التواصل مع مصادر يمنية للفحص فيها والتعرف عمن قتل ومن بقى وهل هم مدنيون أم تحوم حولهم شبه الإرهاب، وبالتأكيد سيجد مئات اليمنيين الذين يتعاونون معه في هذا الجانب صحفيين وغير صحفيين خصوصا إذا كان لديهم مترجم للعربية..

عدا ذلك فقد تواصل مع العديد من الجهات المعنية أمريكيا واماراتيا بعضها ردت وأخرى لم ترد لإكمال المقتضى المهني.. أورد تصريحات وصورا مثبتة لأشخاص لهم صلة مباشرة بالاغتيالات، وزود بفيديو للعملية التي استهدفت مقر الإصلاح..

في أمريكا من الصعوبة بمكان أن تلفق تصريحا، ناهيك عن تلك التفاصيل المذهلة.. إذا فكرت فقط بنقل تصريح لشخص ما دون إذنه فإن ذلك يعرضك للمساءلة والتحقيق والغرامات الباهظة، إذا قاضاك المتضررون.

ولا يمكن نفي معلوماته الا بإنكار مصادر المعلومات ذاتها، أو تقديم اثباتات مؤكدة بشكل موثوق تنسف صحة بعض التفاصيل، كأن تنفي جهات أمريكية معلومات جوهرية حول الرجلين أنهما لم يغادرا الولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات مثلا، أو يصدر بيان شرطة دولة في الاتحاد الأوروبي يؤكد أن محمد دحلان مقيم فيها منذ سنوات وليس في الإمارات (أقول مثلا)، عندها يمكن اعتبار التحقيق ملفقا، اما التقليل منه ببيان نفي أو الحديث عن منطق أو التقليل من قيمته لأن الموقع غير مشهور، أمام إفادات موثقة بالاسم والصورة وهجوم موثق بالصورة من السماء فلن يكون ذلك سوى هراء..

معلومات كتلك سيكون لها قيمة حتى إن نشرها أبسط صحفي مغمور في صفحته على الفيسبوك.

التحقيق رغم قصوره لجهة تعامله مع اليمن، احتوى معلومات مهمة جدا لنا كيمنيين، وينبغي البناء عليها ومتابعتها وأخذها بجدية، لكونها تمس أمن البلاد القومي وسلمها الاجتماعي ويكشف خلطا للأوراق الخطيرة وعبثا بكل المحاذير المحرمة لتنفيذ أجندة مراهقة لا علاقة لها بمصلحة ومستقبل اليمن.

وهذا الموضوع لا يعني الإصلاح فقط، ومعيب مطالبة الإصلاح بالتحرك وحده، كما هو معيب صمته لمجرد تفكيره أنه مستهدف، هذا الموضوع يعني الدولة، الرئاسة، الحكومة، أجهزة الأمن والاستخبارات الأحزاب جميعها، المنظمات المدنية، السياسيين والناشطين والمثقفين وأصحاب الرأي والصحافة والقضاء..

يعني اليمن، ويعني أكثر الجنوب وسلم الجنوب سواء استمروا تحت اسم اليمن أو استقلوا في جمهورية جنوبية.. يعني اليمن ومستقبل اليمن القائم بكل انقساماته وشتاته.. يعني المواطنين اليمنيين جميعاً وبلا استثناء..

من صفحة الكاتب على الفيسبوك*