محمد عبدالرحمن
الحوثي وخطابه الأخير.. أسلوب عاطفي في خدمة المظاهرات الأسبوعية
في الأسابيع الماضية اختار عبدالملك الحوثي يوم الخميس كموعد لخطاباته التي يرمي من ورائها حشد المتظاهرين إلى ميدان السبعين يوم الجمعة الذي يليه، ولأن الخطابات تخلو من قراءة جديدة للأحداث والمستجدات، فجلها تكرار للوقائع واستنساخ لخطابات سابقة، فهو يعمد إلى أن تكون نهايتها دعوة لأتباعه للخروج إلى ميدان السبعين للتظاهر تحت مسميات مختلفة في كل جمعة.
في ختام خطاب الخميس الماضي والذي دعا فيه "الحوثي" اتباعه إلى ترك الفتور والملل، والاستمرار في الخروج للتظاهر باعتبار ذلك جهاداً في سبيل الله، استخدم أسلوبا عاطفيا في هذا الخطاب متمثلاً في استحضار بيت شعري "الوفاء ما تغير" وهو من زامل تستخدمه جماعته ضمن وسائل التعبئة والتحشيد، هذا الأسلوب الذي حاول أن يثير من خلاله مشاعر اتباعه والعودة بزخم المظاهرات الأسبوعية الى أوجها.
هناك دوافع من استخدام هذا الأسلوب والذي يأتي في إطار قراءة مشاعر الجماهير واستلهاب حماسهم باسم فلسطين والقيم الأخلاقية التي يصطنعها الحوثي، فبعد أسابيع بدأت اعداد المتظاهرين تتناقص، وبدأ زخمها يخفت، وخاصة بعد أن وصلت الضربات التي يشنها الحوثي على اسرائيل إلى طريق مسدود بلا نتيجة وبلا فائدة أو مكسب للمقاومة في فلسطين، فهي لم تغير على أرض المعركة شيئا، ولم تنل من إسرائيل في شيء، فكل الصواريخ يتم اسقاطها قبل ان تصل، وهو ما وضع الحوثي في موقف محرج.
الحرب على غزة فرصة مناسبة لأن يستغلها الحوثي في تحشيد المجتمع وكسب النقاط أمام الأطراف الأخرى، باعتبار أن هذه المظاهرات هي أصوات تأييده ليس بما يخص الموقف "المنافق" من الحرب على غزة بل أيضاً يسعى لأن يكون تأييدا إجماليا لكل الحركة وفكرها وسياستها، ولذلك استخدامه الاسلوب العاطفي يؤكد حرصه على استمرار المظاهرات الاسبوعية لأنها تنعكس ايجاباً على وضعه الداخلي المأزوم.
بالإضافة إلى أن المظاهرات هي وسيلة ناجحة للحوثي، ولديه ماكينة إعلامية مدربة إيرانياً، متمكنة في نقل الصورة بشكل تضخيمي، بحيث توحي للمشاهد في الداخل او في الدول الأخرى بأن المجتمع فعلاً يقف إلى صف هذه الجماعة، وهو ما جعل "الحوثي" يتبنى مصطلح التأييد الشعبي وأن ما يقوم به هو مطلب جماهيري تفويضي من ساحات المظاهرات.
بعيدأ عن أشلاء ودماء الفلسطينيين وعلى الرغم من أن المظاهرات التي يدعو إليها الحوثي تحت يافطة فلسطين والدماء في غزة، إلا ان الفوائد من هذه المظاهرات تذهب بعيداً عن فلسطين وقضيتها العادلة، وتصب في خانة المكاسب الحوثية وخدمة مشروعه الطائفي بصورة أو بأخرى، وحده الحوثي من يجني فوائد دماء أبناء فلسطين.