رولا القط
الحوثيون: أصولهم وتطورهم وتأثيرهم في الصراع اليمني
عند الحديث عن اليمن في السنوات الأخيرة، يظهر اسم جماعة الحوثيين بشكل لافت. فمن هم الحوثيون؟ وما هي قصتهم؟ وما هي التحديات التي تواجه اليمن واليمنيين جراء سيطرة هذه الجماعة على مناطق مختلفة من بينها العاصمة التاريخية صنعاء؟
دعونا نلقي نظرة عميقة على هذا الموضوع. تاريخيًا، تعتبر جماعة الحوثيين امتدادا فكريا وعرقيا لجماعة جاءت من خارج اليمن في العام 897 ميلادية – 284 هجرية وخاضت حروبا مستمرة ضد القبائل اليمنية تحت لافتة نشر ما يوصف بالمعتقد الزيدي أو كما يسميه بعض اليمنيين “الجارودي” أو “الهادوي” نسبة إلى يحيى الرسي وهو الجد المؤسس لهذه الحركة وكان يلقب بـ“الهادي” والذي أسس لمعتقد يحصر الحكم والسيادة له ولذريته من بعده واستبعاد اليمنيين من الحكم.
خاض الكثير ممن ينتسبون لسلالة يحيى الرسي –أو أبناء عمومته الذين قدموا معه من خارج اليمن- كثيرا من الحروب ضد اليمنيين من أجل الحكم وكانوا يسيطرون بين الوقت والآخر على بعض المناطق اليمنية كان آخرهم أسرة حميد الدين الذين كانوا يحكمون اليمن الشمالي حتى اندلعت ثورة 26 سبتمبر 1962 ضدهم واعتماد النظام الجمهوري وإلغاء النظام الإمامي الذي كان يحصر الحكم في سلالة الرسي وأبناء عمومته.
وبعد عقود من ثورة 26 سبتمبر ظهر الحوثيون في محاولة جديدة لإعادة صيغة الحكم الإمامية التي تلغي نظام الحكم الجمهوري وحكم الشعب وتعيد الصيغة الإمامية أو كما يسميها الشعب اليمني حكم السلالة.
اسم الحوثي مأخوذ من اسم منطقة يمنية في محافظة عمران شمال اليمن تدعى “حوث” والتي استقرت فيها أسرة زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي قبل أن تنتقل إلى مدينة صعدة الحدودية مع المملكة العربية السعودية.
بدأ تمرد الحوثيين على يد بدر الدين الحوثي وهو من الزعماء الدينيين في صعدة بشمال اليمن. اعتمدت جماعة الحوثيين على الدعوة الدينية أو ما يطلق عليه المذهب الزيدي، وهو فرع من الإسلام الشيعي، واعتبرته مرجعية لها. ثم انتقلت الهيمنة لابنه حسين بدر الدين وبعد مقتله على يد القوات الحكومية انتقلت الزعامة إلى عبدالملك بدر الدين الحوثي.
يعتبر الحوثيون جزءًا هامًا من المشهد السياسي والعسكري في اليمن، حيث تمكنوا من السيطرة على مناطق شمال اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء. ومنذ عام 2014، دخلت اليمن في حرب أهلية طاحنة بين الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا والأحزاب السياسية اليمنية من جهة، والحوثيين المدعومين من إيران من جهة أخرى. وقد اعتبرت الأزمة الإنسانية في اليمن واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم خلال سنوات الحرب الماضية والتي تسببت في نزوح وتهجير ومقتل ملايين اليمنيين وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية بشكل كبير.
يعاني اليمنيون من نقص حاد في الغذاء والماء والرعاية الصحية، مما يزيد من معاناتهم يوما بعد يوم.
ويواجه الحوثيون تحديات عدة، بما في ذلك العزلة الدولية نتيجة لتورطهم في تصعيد النزاع في اليمن وارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، إضافة إلى كم هائل من الصعوبات في إدارة المناطق التي يسيطرون عليها، وضغوط دولية وإقليمية تهدف لإيجاد حل سياسي للنزاع. على الصعيد الدولي، تحاول الأطراف المعنية، بما في ذلك الأمم المتحدة والدول الكبرى، إيجاد حل سلمي للنزاع في اليمن من خلال محادثات سياسية، لكن التحديات مستمرة والوضع معقد للغاية. بالختام، يجب على المجتمع الدولي والأطراف اليمنية المتحاربة العمل بجدية أكبر لإيجاد حل سلمي ومستدام للنزاع في اليمن، وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة للشعب اليمني الذي يعاني من أوضاع مأساوية.
الأزمة اليمنية ودور الحوثيين فيها موضوع يستحق منا النظر العميق والتفكير في الجوانب المختلفة. إليك المزيد عن الحوثيين في اليمن وتأثيرهم على الوضع السياسي والإنساني.
-التأثير السياسي: يعتبر الحوثيون عنصرًا مؤثرًا في المشهد السياسي اليمني، حيث يسعون لتحقيق مصالحهم وتعزيز نفوذهم عبر التحالفات والاتفاقيات السياسية وإن كانت مؤقتة، فضلا عن دفع كثير من المكونات اليمنية والدول الإقليمية للحياد لتوفير فرصة تمكنهم من التوسع. لقد شكلوا تحالفًا مع أنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ثم اندلعت بينهما صراعات عنيفة أدت إلى مقتل صالح عام 2017. كما استغلوا الفراغ السياسي الناتج عن انقلابهم للسيطرة على صنعاء ومناطق أخرى.
-التأثير الإنساني: تصاعدت الحرب بعد تدخل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين وتحالفهم مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني وارتكاب جرائم مختلفة. تتهم كثير من الأطراف اليمنية والدولية الحوثيين بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، مثل استهداف المدنيين والمنشآت الحيوية مثل المدارس والمستشفيات وغيرها.
-التأثير الإقليمي: تعتبر الحرب في اليمن منطلقًا لصراعات إقليمية أوسع، حيث تتداخل مصالح الدول المحيطة باليمن مثل إيران والسعودية والإمارات، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا وصعوبة في الوصول إلى حل سياسي شامل.
-التأثير الاقتصادي: يعاني اليمن من انهيار اقتصادي نتيجة الحرب، حيث توقفت العديد من الصناعات والخدمات وارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية بشكل كبير، مما يؤثر سلبًا على معيشة السكان ويزيد من معاناتهم.
-التحديات المستقبلية: يبقى الحل السياسي للأزمة اليمنية تحديًا كبيرًا، حيث يجب على الأطراف المتورطة الجلوس إلى طاولة المفاوضات بروح التسامح والتعاون لإيجاد حلول شاملة تضع حدًا للمعاناة الإنسانية وتعيد الاستقرار إلى اليمن.
في النهاية، تحمل الحرب اليمنية عبئا ثقيلًا على كاهل الشعب اليمني، ويجب على المجتمع الدولي بذل المزيد من الجهود لإنهاء هذه الأزمة وإعادة بناء اليمن على أسس مستدامة.
*نقلا عن موقع خبر نيوز