كل شيء يموت لكن المبادێ لا تموت، لهذا نجد عندما يكتمل وعي الإنسان المبدئي، يصبح ثائرًا في وجه كل الرواسب المعطلة للحياة وحركة التطور الإنساني.. لدرجة أن يصعب على عامة الناس تحديد الانتماء السياسي للشخص المبدئي، حتى ولو كان هذا الشخص ذا خلفية سياسية وفكرية ينطلق منها، إلا أن عندما تتغلب المبادئ على شخص ذي انتماء سياسي، يحصل التباس في تحديد هوية الشخص، وهذا بالضبط ما حصل لدى بعض الكتاب والساسة وأصدقاء المساح من جدل حول تحديد الهوية السياسية للصحفي الحر والثائر المتمرد محمد السماح.
على أية حال يعد المساح شخصية يسارية ثورية متمردة على رواسب المجتمع، وجمود الساسة والأحزاب السياسية التي صارت بعيدة جداً عن قضايا الناس وتطلعات الجماهير.
عموما لم يتوقف المساح عند هذا التمرد فحسب، بل أعلن تمرده أيضاً على القواعد واللوائح التنظيمية الحزبية التي لم تعد ملائمة مع مطلبات العمل التنظيمي في عصر التكنولوجيا والديمقراطية وحقوق الإنسان، هذا التمرد منحه استقلالية سياسية منسجمة مع القضية الوطنية ومبادئها الخلاقه، رافضاً بنفس الوقت، ما آلت إليه الأوضاع السياسية الحالية.
نستطيع القول عندما دخلت الأحزاب اليسارية في تحالفات مع اليمين، وغابت القضية الوطنية، وتراجع حزب المساح عن القضايا المحورية ذات الطابع الاجتماعي والفكري.. حينها ظل المساح ثابتاً على مواقفه ومبادئه، رافضاً المساس بحقوق المواطن والوطن، مفرقاً بنفس الوقت بين التكتيك السياسي، والاستراتيجية المحورية للقضية.
كما كان المساح حريصاً على التجدد داخل اليسار وبنيته التنظيمية، ومغادرة رواسب الاستبداد، والتحلي بالقيم العصرية أساسها الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، معتبرا الخبز والحرية، هي أصل الكرامة الإنسانية، إذا سلب هذا الحق سلبت المواطنة وسلب معها الوطن.
في الختام، نستطيع القول بأن تجربة المساح تجربة فريدة، أعطت المساح تفرداً وعظمة في زمن تساقطت فيها المبادئ والمواقف كما تتساقط أوراق الخريف.