في عالم مليئ بالتناقضات والمصالح المتشابكة تبرز ظاهرة تعاضد المليشيات الإرهابية في الشرق الأوسط كأحد أبرز الأمثلة على الوحوش التي لا تأكل بعضها بعضا.
هذه المليشيات، التي تمتد عبر العراق وسوريا ولبنان واليمن، قد تكون مختلفة في العرق والدين والمذهب، إلا أنها تتحد في هدف واحد وهو العمل ضد السلام والإنسانية.
وفي المقابل، يكشف المشهد الغربي اليوم عن ازدواجية المعايير بشكل صارخ، إذ فضحت حرب غزة الأخيرة تلك القيم والمبادئ التي كان الغرب يدعي التمسك بها، وابتلع خطوطه الحمراء التي طالما تحدث عنها، مثل حرية الرأي واحترام حقوق الإنسان.
في البراري والغابات تعيش حيوانات متوحشة مثل الأسود والفهود والضباع، وزواحف سامة مثل الأفاعي، وفي الأنهار والمستنقعات تجد التماسيح وغيرها، السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لا تفتك هذه الوحوش ببعضها بعضا؟
من حكمة الله أن جعل الوحوش عصبة متجانسة مع بعضها، ولو ذهب هذا التجانس لانقرضت فوراً، هذه الحكمة تنطبق بشكل مثير على ما نشهده من تعاضد وتعاون بين المليشيات الإرهابية في منطقتنا، بصرف النظر عن عرقها ودينها ومذهبها، في المحصلة جميعها وحوش تعمل ضد السلام والإنسانية.
تتصاعد نفوذ هذه المليشيات في الشرق الأوسط، خاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، هذه المليشيات لا تتصارع فيما بينها بل تتعاون بشكل يثير الدهشة، إن تعاضدها يشكل خطراً كبيراً على الاستقرار والسلام في المنطقة.
وأيضاً ما نشاهده في الدول الغربية من ازدواجية المعايير بالنسبة للمجازر الوحشية التي ترتكبها إسرائيل في غزة ضد الفلسطينيين، يكشف تناقضات صارخة، تجاهلوا كل المبادئ التي ينادون بها ووقفوا مع إسرائيل في وحشيتها، فبات الغرب يدافع عن وحشية سبق أن ارتكبتها قواته الاستعمارية في السابق.
متى ما استوحش الإنسان أصبح عدواً للإنسانية، ولا يمكن أن يتعايش إلا مع وحش مثله في الفكر والمنطق، إن تعاضد هذه الوحوش في البراري يذكرنا بتعاضد الوحوش في عالمنا، سواء كانت مليشيات إرهابية أم دولا تدعي التحضر وتتصرف بوحشية، الوحوش لا تأكل بعضها بل تتحد ضد الإنسانية.
استمرار هذا التحالف الوحشي بين المليشيات وداعميها يضع العالم أمام تحدٍ كبير يتطلب وحدة دولية حقيقية لمواجهته بكل حزم، بعيداً عن ازدواجية المعايير والتناقضات الفاضحة.
نقلا عن "العين الإخبارية"