سمير رشاد اليوسفي

سمير رشاد اليوسفي

تابعنى على

من جاريةٍ في اليمن إلى صواريخَ في عمق طهران؟

Friday 13 June 2025 الساعة 06:30 pm

في مثل هذه الأيام، قال النبي: “من كنتُ مولاه، فعليٌّ مولاه.” لم يكن يخطب ليختار خليفة، بل كان يردّ على شائعة، ويغسلُ ظنًّا. قيل إن عليًّا اصطفى جاريةً من غنائم اليمن؛ فقام، واغتسل من الجنابة، وخرج عليهم ورأسُه يقطر ماءً، وقد غمز فيه بعضهم، ولمزوه، واتّهموه بأنه اختار لنفسه ما لا يحق له.

غضب النبي، ووقف في الطريق، تحت حرّ الظهيرة، جمع الآلاف، وقالهاواضحةً، قاطعة: “من كنتُ مولاه، فعليٌّ مولاه.” ثم نزل عن ناقته، ومضى. لم يقل: بايعوه، ولم يأمر بخلافته.

لكن، بعد خمسٍ وعشرين سنة… قُتل عثمان، في يوم الغدير نفسه، وعاد عليٌّ إلى الواجهة، لا بوحيٍ سماوي، بل لأن المدينة كانت تغلي. بايعوه، لا لأن الحديث قال، بل لأن الفوضى صرخت: أنقذونا!

ولم تكن خلافته سهلة. كلّها حروب: الجمل، صفّين، الخوارج… واختلفوا عليه، كما اختلفوا فيه حيًّا وميتًا.

فهل كان حديث الغدير إعلانًا؟ أم ردّ اعتبار؟ أم إثباتًا لحبٍّ مشكوكٍ فيه؟ الغريب… أن الصحابة الذين سمعوا الحديث، لم يستشهدوا به، ولا احتُجّ به حين اشتدّت المعارك، ولا رُفع شعارًا يوم طُعن الخليفة الرابع.

الحديث بقي حيًّا… لكن في الذاكرة، لا في القرار. قيل الحديث، ومضى كلٌّ في طريقه.

أما الغدير هذا العام؟ فقد سبقه الدخان، لا الخُطب. “عملية الأسد الصاعد” — هكذا سمّتها إسرائيل. قصفٌ أتى من بعيد، التهم فيه قوّة “الوليِّ الفقيه”، وبعضَ قادة الحرس الثوري، في يومٍ يحتفلون فيه بـ”الولاية”.

غابت البيعة، وسقطت العمائم. حضرت الطائرات، ونشب الحريق. لم يُرفَع الحديث، لم تُستدعَ النصوص، لم تهبط الآيات. ربما لأن السماء تعرف أن الطائرات أصدق من الشعارات.

من جاريةٍ في اليمن، خرجت ولاية. ومن جملةٍ واحدة، صُنِعَ نسبٌ، وسادة، وعبيد. لذلك، لا نحتفل بيومٍ يقول لنا: هذا “وليٌّ” من السماء… وأنتم من تراب الطاعة.

نحن ضد الغدير، لأنه بدأ بحبٍّ مشكوكٍ فيه، وانتهى بحُكمٍ لا يُناقَش.

من صفحة الكاتب على منصة إكس