مصطفى محمود
إلى أهل مأرب: السلطة.. الأحزاب والنخبة مع التحية
أيها الأعزاء،
أكتب إليكم بدافع وطني خالص، وهدفي أن يكون هذا الجزء شاهداً على النصح الصادق، لا على الخصومة أو المزايدة.
كثيرًا ما تتردد عبارة، (يشوهون مأرب، أو فلان يشوّه سمعة مأرب) وكأن مارب تحوّلت إلى رمز هشّ، يخشى أهله أن يُخدش، لا أن يُفهم.
لكن هذا الخطاب، رغم اعتقادي بنواياه الطيبة، يعيد إنتاج مأرب كـ"عورة سياسية" يجب سترها، لا كجزء حيّ من مشروع الدولة.
مأرب أرضٌ وسلطةٌ وشعبٌ، وهي في قلب المعادلة اليمنية، لا على هامشها. الدفاع عنها لا يكون بردود فعل انفعالية، بل بإعادة تعريفها كركن في بناء الدولة، لا كضحية في معركة السمعة.
من وجهة نظري لا تنشغلوا بما يقوله فلان أو زعطان ضد سلطة مأرب أو أحزابها، ولا بما يردده ألف صوت تابعين لسلطة مأرب في مديحها.
فالسياسة ليست مرآة اللحظة، بل اختبار الزمن. ما يبقى ليس ما قيل، بل ما فُعل.
هل أنصفتم المظلومين حينما اكتشفتم مظالمهم؟ هل اقتربتم من العدالة؟ هل قاومتم غواية السلطة حين أغوتكم بالسكوت؟...... هذه الأسئلة لا تموت، لأنها ليست أسئلة إعلام، بل أسئلة تاريخ وضمير... لا تعنيكم تحديداً هي حصيلة نهائية لكل سلطة في اليمن والعالم.
الحقوق لا تُنسى، ولا تُحلّ بالتبريرات. هي ديون أخلاقية، تتراكم بصمت، ثم تنفجر في لحظة لا يتوقعها أحد. قد لا يدفع ثمنها من ارتكب الخطأ، بل من ورثه. وهنا، يصبح التاريخ ليس فقط سجلًا، بل محكمة.
السلطة، في جوهرها، بقدر ما تكون امتيازاً هي عبء أخلاقي. أن تكون في موقع القرار يعني أن تكون في مواجهة دائمة مع الذات، مع التاريخ، ومع الناس.
ليست المشكلة في أن المسؤول يرتكب خطاً ولا أن يُنتقد عليه، بل المشكلة في أن يتحصّن خلف جدران الصمت، أو يردّ على النقد وكأنه إهانة شخصية.
السلطة المحلية في مأرب ليست مجرد إدارة، بل هي تمثيلٌ لروح الدولة في لحظة انهيارها. فإما أن تكون نموذجًا يُحتذى، أو تتحوّل إلى نسخة أخرى من مركزية فاشلة، ترتدي ثوبًا محليًا.
عن النخبة ودورها الغائب
النخبة ليست طبقة مثقفة تتحدث بلغة عالية، بل هي ضمير المجتمع حين يصمت، وعقله حين يضلّ.
في مأرب، كما في غيرها، النخبة مدعوة لأن تتجاوز منطق التبرير، وأن تطرح الأسئلة التي لا تُقال:
ما الذي يحدث فعلًا؟
من يُهمّش؟ من يُستثنى؟ من يُستغلّ؟
هذه الأسئلة ليست ترفًا فكريًا، بل شرطًا أخلاقيًا لأي مشروع وطني ولأي مكون يصلح أن يحجز مقعدا على شرفه المستقبل.
عن المستقبل الذي يُكتب الآن
ما يُقال اليوم، وما يُفعل، ليس مجرد حدث عابر.
إنه كتابة غير مرئية في دفتر المستقبل.
والمستقبل لا يُقرأ النوايا، بل يُقرأ الأثر. فإما أن يُقال يومًا: "هنا كانت مأرب، حيث بدأ التغيير"، أو يُقال: "هنا كانت مأرب، حيث تكرّر الفشل بلغة جديدة."
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك