عادل الهرش

عادل الهرش

تابعنى على

المقاومة الوطنية وتثبيت مسار بناء القوات

منذ 33 دقيقة

بالتزامن مع حلول الذكرى الثامنة لثورة الثاني من ديسمبر الخالدة، جسدت قيادة وأفراد المقاومة الوطنية، وبشكل خاص منتسبو الدفعة الثانية – طوارق في القوات الخاصة، عزيمة الجمهورية المستمرة ومتانتها، عبر تنفيذ تمرين ميداني ليلي ونهاري متقدم، وذلك ضمن المسار التدريبي لدورة الصاعقة. 

لم يكن هذا التدريب مجرد استعراض للقوة، بل كان بمثابة تجسيد حي للدروس المستفادة والمهارات المكتسبة، التي تتوج مسيرة بناء وتأهيل القوات المساندة للجمهورية. 

قطع المشاركون خلال هذا التمرين مسافة مئة كيلومتر عبر تضاريس جغرافية متنوعة، بدءًا من مديرية السقيا في محافظة لحج، مرورًا بأرياف المخا وموزع في محافظة تعز، وصولًا إلى الخوخة وحيس في محافظة الحديدة. هذه الرحلة الميدانية الشاقة، التي جرت في ظروف متنوعة، لم تكن مجرد استنزاف للقوة البدنية، بل كانت اختبارًا حقيقيًا للقدرات الذهنية والروح المعنوية، ومدى التكيف مع مختلف ساحات العمليات المحتملة. 

إنها شهادة على عزم الرجال الذين يضعون نصب أعينهم استعادة وطنهم وتحرير أرضه من براثن التخلف والكهنوت.

يمثل هذا التمرين الميداني المتكامل شهادة واضحة على أن الجمهورية تتنفس من جديد، وأن رجالها الأوفياء، الذين يمثلون نخبة القوات الخاصة، يستعدون ليس فقط للدفاع عن مكتسبات الوطن، بل لاقتلاع مشروع خبيث يستهدف جوهر الهوية الوطنية والتي ثار من اجلها الابطال في الثاني من ديسمبر، من قلب العاصمة صنعاء في عام 2017، بقيادة قامات وطنية جسورة، وعلى رأسها الشهيد الزعيم علي عبد الله صالح، والرفيق الشهيد الأمين عارف الزوكا، هو تذكير دائم بالقيم والمبادئ التي قامت عليها هذه الثورة. 

لقد أثبتت المقاومة الوطنية، التي انبثقت جذورها بعمق من هذه الثورة، أنها ليست مجرد قوة ردع أو أداة عسكرية، بل هي تجسيد لروح مبدأ لا يقبل المساومة على كرامة الوطن وسيادته. 

إنها تكتب بدمائها أروع فصول مرحلة جديدة، مرحلة تؤكد بصوت عالٍ وواضح: لا سلالة بعد اليوم، لا كهنوت بعد اليوم، ولا مشروع غريب أو دخيل على أرض أجدادنا، أرض سبأ وحمير العريقة.

إن تخرج هذه الكوكبة من الأبطال، الذين اجتازوا أصعب الاختبارات التدريبية، هو رسالة قوية ومباشرة لكل من راهن على سقوط الجمهورية أو تآكل أسسها. مفاد هذه الرسالة أن الجمهورية ليست مجرد نظام حكم قابل للانهيار، بل هي فكرة متجذرة، وروح لا تموت، وأن أبناءها المخلصين في مختلف ربوع الوطن لا يركعون أمام الظلم أو الطغيان. 

فالبندقية التي تحمل وعي شعب حر، وتسعى لتحقيق تطلعاته المشروعة، لا تُهزم أبدًا. إن المقاومة الوطنية في سياقها المعاصر لم تعد تقتصر على كونها مجرد قوة عسكرية تقاتل في الميدان، بل تحولت إلى مدرسة وطنية حقيقية، تعمل على إعادة صياغة الوعي والهوية لدى الإنسان اليمني الجمهوري. 

إنها معركة وعي وكرامة قبل أن تكون معركة سلاح وبارود. ففي الوقت الذي تقاتل فيه الميليشيات الحوثية المرتبطة بإيران لفرض خرافة الحق الإلهي المزعوم، وهي خرافة بالية تعود بآلاف السنين إلى الوراء، تقاتل المقاومة الوطنية من أجل قضية أسمى وأعدل: حق الشعب اليمني الأبي في الحرية، والسيادة على أرضه، والقدرة على اتخاذ قراراته المصيرية بنفسه، دون وصاية خارجية أو إملاءات تعسفية.

ان المحارب في صفوف المقاومة الوطنية لا يُصقل ويعد ليصبح مجرد تابع أو أداة في يد قيادة عليا. بل على العكس، إنه يُعد ليكون بطلا حرًا جمهوريا وطنيا ، يحمل عقيدة سبتمبر وأكتوبر، العقيدتين الخالدتين اللتين منحتا اليمن استقلاله وحريته. يؤمن هؤلاء الرجال بأن الوطن أغلى من أي جماعة أو فئة، وأن قيم الجمهورية تسمو فوق أسماء الأفراد وكياناتهم. إنهم يؤمنون بأن الشمال سيتحرر وان صنعاء، عاصمة اليمن وقلبه النابض، ستعود حرة أبية، وسيضحون بكل شيء من أجل ذلك الهدف النبيل. 

وما تقوم به المقاومة الوطنية من بناء وتأهيل دائم، والانضباط العسكري الصارم، يحمل أهمية استراتيجية بالغة، لكونها تمثل العمود الفقري لليمن القادم. إنها تبني جيشًا وطنيًا حديثًا، جيشًا لا تلوثه الطائفية البغيضة، ولا تنخره المناطقية المقيتة، ولا تعرف له سلالة أو نسبًا. جيش يرفع علم الجمهورية العظيم، ولا يذكر إلا اسم اليمن، وطنًا واحدًا موحدًا، سيدًا حرًا.

إن المقاومة الوطنية ليست مجرد ظاهرة عسكرية استثنائية عابرة، بل هي قدر تاريخي لا مفر منه، مكتوب على هذه الأرض الطيبة، وهي الشعلة الجمهورية الأخيرة التي لن تنطفئ أبدًا، مؤكدة أن نور الجمهورية سيبدد الظلمات. وبين نار المعركة المشتعلة، وصوت البناء المتصاعد، يولد اليمن الجديد: جمهوريًا، حرًا، موحدًا، عزيزًا، عصيًا على الانكسار، قادرًا على استعادة مكانته ودوره بين الأمم.

وفي الختام، يتعين علينا توجيه أسمى آيات الفخر والتقدير والشكر لقيادة المقاومة الوطنية، التي تمثل صمام أمان مستقبل اليمن. 

وعلى رأس هذه القيادة المؤسس والباني، الفريق الركن طارق صالح، الذي يقود بوعي ورؤية ثاقبة. كما نشيد بالدور والجهد الكبير لمستشار شؤون التدريب والتوجيه، المناضل الجمهوري اللواء الركن محمد بن عبد الله القوسي، الذي يقدم نموذجًا للإخلاص والبذل والعطاء والتفاني. ولا ننسى كل رجال التدريب والتأهيل، الذين يعملون في صمت وإصرار، فهم بناة المحاربين الأحرار، الذين سيدفنون مشروع الكهنوت الحوثي، ويكتبون الفصل الأول من تاريخ الجمهورية اليمنية الجديد،  عنوانه النصر والحرية والكرامة لكل ألجمهوريون في ارض اليمن.