صالح أبو عوذل

صالح أبو عوذل

تابعنى على

«عسكر زعيل».. مهندس إدخال الحوثيين إلى صنعاء؟

منذ ساعة و 45 دقيقة

يتذكّر اليمنيون جيدا سكرتير اللواء علي محسن صالح الأحمر، النقيب عسكر أحمد زعيل، الذي انتقل من عسكري بسيط يعمل في مكتب قائد الفرقة الأولى مدرع إلى ضابط برتبة نقيب، في ترقية لم تكن مكافأة كفاءة بقدر ما كانت مكافأة ولاء. قبل أن يتحوّل لاحقا إلى أحد أبرز الوجوه التي ارتبط اسمها بتمكين الحوثيين من دخول العاصمة اليمنية صنعاء مع مطلع مارس 2011م.

لم يتدرّج زعيل كثيرا في السلم العسكري، لكنه ظلّ ملازما لموقعه كسكرتير لأحد أكثر العسكريين اليمنيين إثارة للجدل. برز اسمه كمتحدث رسمي باسم الفرقة الأولى مدرع، في لحظة ما سُمّي «ثورة»، بينما كان في حقيقتها انقلابا غير مكتمل على نظام الرئيس علي عبدالله صالح، انقلاب لم يُسقط النظام الجمهوري بقدر ما مهّد الطريق لتحويل اليمن إلى سلالة حوثية تابعة لإيران.

كان زعيل واحدا من أولئك الذين رهنوا اليمن للخارج؛ طاروا إلى تركيا، وتركوا البلاد تغرق. في الوقت الذي كان فيه علي محسن الأحمر يتسلّل خلسة إلى السفارة السعودية خوفا من الحوثيين، كان عسكر زعيل يطلب من الحوثيين «العفو والمغفرة»، ويذكّرهم بالأموال التي صُرفت لهم كهدايا من الجنرال، باعتبارهم – في نظره – «ثورة» في سياق الانقلاب على صالح.

لا توجد خيانة أشد في أي مكان في العالم من الخيانة العسكرية، خيانة الشرف و«الميري». لم تكن خيانة علي محسن وحده، بل كانت خيانة مؤسسة كاملة. وكان المتحدث باسمها يحضّ الشباب على الموت، لأن سقوط مزيد من الضحايا – وفق خطابه – يقرّب من إسقاط النظام الذي كانوا في الأصل جزءا منه.

هل تتذكرون ضحايا جمعة الكرامة؟

هل تتذكرون وعود عسكر زعيل وتوكل كرمان، بأن كل شهيد يسقط يقرّب لحظة سقوط النظام؟

لم يسقط النظام… الذي سقط هو اليمن.

أين توكل اليوم؟

وأين عسكر زعيل؟

وأين ذوو الضحايا الذين قُتل أبناؤهم باسم «ثورة التغيير»؟

لو سألت توكل كرمان من كان ينافسها على منصة الخطابة آنذاك، لقالت – دون تردد –: عسكر زعيل.

وحين سقطت صنعاء بيد الحوثيين، التزم زعيل منزله، ثم غادرها خلسة إلى مأرب، ومنها إلى المملكة العربية السعودية، قبل أن يحطّ رحاله في إسطنبول، حيث بدأ بإدارة مشاريع علي محسن وأموال نُهبت من اليمن.

في تركيا، تحوّل عسكر زعيل إلى ملحق عسكري في السفارة، ومستثمر يدير أموال الجنرال العجوز، بينما كان الوطن الذي بشّر بإسقاط نظامه ينهار قطعة قطعة.

في رده على تدوينة لي، لجأ زعيل إلى خطاب تحريضي مكشوف، يتماهى مع موجّهات أُرسلت قبل أسابيع من بعض الجهات الإقليمية. لم أكن أعلم أن عسكر زعيل يعمل ضمن لجان إلكترونية تستخدم أسماء مستعارة، لكنه – على ما يبدو – لا يزال يتعامل مع منصة «إكس» بوصفها ساحة جامعة، يتسابق فيها مع توكل كرمان على الصعود إلى المنصة، لا على إنقاذ وطن.

أسقطوا اليمن، وها هم اليوم لا يدافعون عن اليمن، بل يقدّمون أنفسهم مدافعين عن المملكة العربية السعودية، متوهمين أن الرياض ستخوض حربا جديدة لإعادتهم إلى الجنوب، بينما هم مشرّدون في المنافي.

وكعادة النخب العسكرية والسياسية اليمنية، لا يجرؤون على مناقشة الفكرة أو الرد عليها، بل يذهبون إلى الشتيمة وتوزيع التهم، ثم يقحمون اسم السعودية لكسب ود «اللجنة الخاصة». هذا السلوك لا نحترمه، بل نشعر بالعار من نخب أصبحت اليمن بالنسبة لها «إعاشة شهرية».

يحذّرني عسكر زعيل، بخطاب موجّه للجنوبيين، من أن المملكة لن تتهاون مع الجنوب، وفي الوقت ذاته يقدّم نفسه كـ«حارس عمارة»، ويتوعّد بحماية بلد يتودّد إليه لشن حرب تعيد الإخوان إلى الجنوب. أليس في ذلك قدر من السخرية؟

أما محاولات شيطنة الجنوب وربطه بإسرائيل، فهي أكذوبة مكشوفة. الفلسطينيون، دون غيرهم، يعرفون جيدا من وقف معهم، ومن ذهب إلى تل أبيب متودّدا طالبا التحالف. ويعرفون أن جمهورية اليمن الجنوبية كانت من الداعمين للقضية الفلسطينية، وأن عدن احتضنت يوما واحدة من أكبر الجاليات الفلسطينية.

اليوم، الجنوب العربي وطن محرّر، تُدار شؤونه من الداخل، وله قيادة ورئاسة ونواب لا يقارنون بأولئك الذين أسقطوا اليمن، ثم هربوا منها.

من صفحة الكاتب على إكس