سمير رشاد اليوسفي

سمير رشاد اليوسفي

تابعنى على

عن الحرب والتسوية في اليمن؟

Wednesday 02 May 2018 الساعة 11:31 am

تشهدالمواجهات العسكرية بين قوات التحالف و"الحوثيين" موسماً ساخناً في كثير من الجهات والجبهات، بعد أن كانت قد أخلدت إلى التهدئة.

فمن جهة: كثّف الحوثيون إطلاق الصواريخ على"الرياض" وغيرها من المدن السعودية.. معلنين أنّ العام الجاري هو عام"الصواريخ البالستية".. إضافة لاستخدامهم الطائرات المُسيرة التي تحولت إلى شكوى معلنة بعدما كانت محل تندُروسخرية.

كما أنّ الطرد المهين لـ"قطر"من المشاركة ضمن قوات التحالف، بسبب ما كشفته السعودية عن توغلها في التآمر ضدها، لم يُجمد تحركات "الدوحة"، ويوصد أبوابها أمام المنتفعين من ضربها للسعودية في اليمن؛ فأفاد ذلك الحوثيين، ومنحهم دعماً مجانياً.. لاسيما على الصعيدين السياسي والإعلامي، حيث صار الإعلام القطري يعطي مساحات واسعة لنشر أخبار إطلاق الصواريخ الحوثية على مدن السعودية.
أيضاً يُسلط الأضواء على القواذف التي تطلقها طائرات التحالف لتشوي أجساد المدنين من الأطفال والنساء مُذيلة بتبريرات سئم حتى الناطق باسم التحالف من تكرارها. 
وتستغلها القنوات الممولة من قطر مرددة بكل سخرية، وبعد صمت لأكثر من عامين: كيف لهذا التحالف الذي يمتلك كل أسلحة العالم الذكية، أن يرتكب هذه الأخطاء الغبية والفادحة في حق الأبرياء..

كما أنّ مقتل رئيس سُلطة الأمرالواقع في المناطق الخاضعة لهيمنة الحوثيين "صالح الصماد" بصواريخ موجهة، وتعيين "مهدي المشاط"، صهر "عبدالملك الحوثي" بديلاً عنه في المجلس السياسي، جاء ليؤكدالتصعيد العسكري.. كخيار حتمي لجماعته في المرحلة الراهنة.

إذ تؤكد مصادر مطلعة ومتطابقة صرامة المشاط وتعنته كطريقة يتفرد بها مع خصومه حتى في جلسات الحوار، وهو ثلاثيني من منطقة "حيدان" ينحدر من إحدى قبائل خولان عامر الممتدة من صعدة إلى مشارف نجران.. وتجلت غلظته في محادثات الحوار التي شارك فيها ابتداء من "اتفاقية السلم والشراكة" عقب سيطرة جماعته على "صنعاء" وانتهاء بالمفاوضات الفاشلة في الكويت. كما أنَّه قليل الكلام، لا يحب الأضواء وشاشات الإعلام، وَقّاد حملة إجلاء السلفيين من "دمّاج"..

هذه المعطيات في مُجملها تشير إلى أنّ جماعة الحوثيين تلقي بكل ثقلها في تصعيد عسكري تترقب في حال نجاح أهدافه: فرض تسوية تضمن لها التمثيل الكامل للمناطق التي تحت سيطرتها.. خاصة بعد غياب "علي عبدالله صالح" عن واجهة الأحداث، ورحيله الذي أدى إلى انكسار ظهر المؤتمر الشعبي العام (ذلك التنظيم العتيد) وتوزعه بين طرفي الحرب.
ومن المتوقع أن يمنح الحوثيون "مؤتمر صنعاء" تمثيلاً محدوداً.. في ظل نفوذهم، وتحت مظلتهم...
أما"هادي" فهو بطبيعته المعروفة، أعجز ما يكون عن لملمة المؤتمر، فضلاً عن إعادة إنعاشه واستثماره.

وإذا كان الحوثيون يرفضون الحوار وفقاً للمرجعيات الثلاث، مشترطين مشاركتهم على أساس التوافق الشامل على فترة انتقالية، ومجلس رئاسي، وحكومة محاصصة تُسلم لها الأسلحة الثقيلة، بعد رفع الحصار وتثبيت وقف إطلاق النار.. فإنّ ما يقوي موقفهم(إذا ما نجحوا في امتصاص الضربات) أنهم يحاربون بإرادة واحدة، لها أهداف موحدة، وقائد لا شريك له.. على عكس التحالف، الذي له خطط متعددة.. وأهداف متباينة.. ومقاتلون يتقاتلون فيما بينهم.. وليس ثمة ما يقويه (في مُعتركات هذه الحرب) غير تشبث الحوثيين بمرجعية مذهبية، وطريقة حُكم لايتفق عليها غالب اليمنيين المنتظرين لخيارات لما يتم استعمالها بعد.

في المقابل، يسعى التحالف من خلال التصعيد العسكري الراهن لاستكمال السيطرة على مدينة المخا، وإحكام قبضته على "المفرق" وهو موقع استراتيجي ذو حدين.. يتيح لمن يستولي عليه (بحسب الخبراء العسكريين) التوغل بانسيابية في اتجاه مدينتي تعز والحديدة في آن واحد.. ناهيك عن فتحه جبهات في "صعدة" وزحف قواته على تعز من اتجاه الشريجة.. كما عاود التحالف قصف صنعاء مجدداً، وبوتيرة عالية..

ويطالب هذا الطرف الذي يمثله"هادي" أن تكون التسوية علي أرضية المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوارالوطني، والقرار الأممي (2216)، فيما موقف التحالف الداعم له (بقيادة السعودية) يطرح نفس المرجعيات أحياناً، وقد يوافق على أسس أخرى، في حال استدعاء هادي ومن معه للإخفاق مجدداً.. كما حصل في نتائج اجتماعات وزراء خارجية الدول الرباعية التي ضمت "السعودية، الإمارات، الولايات المتحدة، وبريطانيا" في محادثات لأكثر من عام أسفرت عن مبادرة "كيري" وأعلن عن موتها بمجرد انتخاب الجمهوري "دونالد ترامب" رئيساً لأمريكا.. وسبق للسعودية أيضاً أن فاوضت الحوثيين في ظهران الجنوب، وتم التوقيع على تهدئة وانسحابات وفتح ممرات، لكنها أخفقت ولَم يكتب لها التوفيق.. بسبب رفض علي عبدالله صالح حينها.

وأحسب أنّ التصعيد العسكري الراهن يأتي من قبل التحالف الذي تقوده السعودية لتحقيق انتصار كاسح على أنصار الله.. يُظهر إنحسارهم ويكسر شوكتهم.. ويطمئن السعودية على حدودها ومصالحها في اليمن.. ويستوعب اليمنيين، على اختلافهم، في دولة واحدة..

ولا غضاضة من الحوار لتحقيق ذلك..