"إن إيران مستعدة لإجراء محادثات مع أوروبا فيما يتعلق باليمن، وليست مستعدة لإجراء محادثات في أي من قضايا المنطقة التي تطالب بها الدول الأوروبية".
هكذا صرح عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني!! نتساءل دوماً هل تم إدخال اليمن بنجاح تحت وصاية إيران؟! و من يقرأ ما قاله هذا الدعي سيجد اعترافاً إيرانياً صريحاً في تورطها فيما يجري في اليمن، وتسببها في المآسي للشعب اليمني ليس بمفردها أكيد ولكنها هي السبب في كل هذا التكالب.
التدخل لاإيراني في الوطن العربي ليس بجديد لكنه تعاظم، بشدة، في السنوات الأخيرة الماضية، وكل ذلك يعد تنفيذاً لتوجيهات مؤسس النظام الملالي الإيراني "الخميني" الذي قال عقب الإطاحة بنظام الشاه: "أول درس تعلمناه من الثورة الإسلامية هو أن علينا أن تكون نظرتنا أبعد من الشعب الإيراني كي تصل إلى الأمة الإسلامية.. نأمل أن تكون الثورة هي "الومضة الإلهية" التي تحدث انفجاراً عظيماً في أوساط الشعوب التي تقبع تحت الظلم"، ومن هنا رأت إيران أن أي شيعي في الوطن العربي بل والعالم هو مسئول من نظام ولاية الفقيه، مع ضرورة فرض نموذجه الثوري على الجوار الإقليمى.
بدأ ثورة التدخل الإيراني في المنطقة العربية مبكراً.. فعقب ثورة الخميني بأشهر قليلة كانت إيران على موعد مع تأسيس حزب الله في أوائل الثمانينات كجزء من جهد إيراني لتجميع مجموعة متنوعة من الجماعات الشيعية اللبنانية المسلحة تحت سقف واحد ، على أن تكون مهمة الحزب العمل كوكيل لإيران في الصراع بالوكالة بين إيران وإسرائيل.
ونتيجة للحقد الإيراني على العرب بالإضافة إلى خرافة الحق الإلهي و"الولاية" التي يروج لها النظام الديني المتطرف في إيران، ليستمر التدخل في الوطن العربي والبحث عن وكلاء مستعدين لتنفيذ ما يطلب منهم ليكونوا أذرعاً إيرانية تدمر وتخرب وتمزق النسيج المجتمعي للشعوب العربية خدمة للمشروع الطائفي الإيراني، ووصل الحد بأن يذهب البعض لدرجة التفاخر بهذا الانتماء الشاذ، كما قال حسن نصر الله في أكثر من خطاب له "إننا نفخر بتبعيتنا لإيران، وأننا نتبع الولي الفقيه ونمثله في لبنان".
مما لاشك فيه أن لدى إيران مشروعاً دينياً طائفياً استعلائياً في المنطقة العربية لا تصب نتائجه في صالح الأمن القومي العربي ، ولا شك أن الخطة التوسعية لإيران واضحة المعالم ولا تتحرج طهران من إعلان ملامحها ، غير أن هذا الأمر ما كانت لتنجح إيران في تحقيقه إلا بوجود أدوات مساعدة من أشخاص وجماعات باعت نفسها لهذا النظام الذي استغل النزعة المذهبية والعرقية لدى بعض التكوينات السلالية في الوطن العربي ومنها بلادنا اليمن التي استغل النظام الفاشي الإيراني النزعة الحاقدة على الثورة السبتمبرية والاستعلائية العرقية التي يتعامل بها غالبية "الهاشميين" في اليمن ليُحيي عندهم خرافة الأفضلية والأحقية بالحكم والسلطة، تحت مبرر الحق الإلهي وولاية البطنين وأمور أخرى عفى عليها الزمن.
استغلت إيران، بشدة، الولاءات في الوطن العربي سواء كانت هذه الولاءات دينية شيعية كالحالة في العراق أو عن طريق شراء الولاءات بالأموال وتطابق المصالح العسكرية والاستراتيجية مع الولاء الديني كالحالة في جنوب لبنان واليمن.
وتعود الصلة الإيرانية مع حركة الحوثيين إلى أكثر من عقدين من الزمن منذ تأسيس ما سُمي "الشباب المؤمن" بعد أن تلقى عدد من الشباب اليمني التدريب اللازم في إيران في أواخر ثمانينات القرن الماضي وعلى رأسهم حسين الحوثي والعماد والديلمي وغيرهم، ليعودوا بعد ذلك مؤسسين لتجمع ما أسمى الشباب المؤمن للحفاظ على الزيدية كما ادعوا حينها، وما إن اندلعت أول شرارات تمرد الحوثيين في 2004 حتى انكشف الدعم الإيراني للجماعة الذي وفر التدريب والخبرات في عدة مخيمات بلبنان يديرها حزب الله والحرس الثوري.
تعد اليمن من أهم الركائز التي تعتمد عليها إيران استراتيجيا وجغرافيا لتطويق الخليج العربي، مسخرة في سبيل ذلك كل إمكانياتها وإمكانيات أتباعهاـ حيث استغلت إيران أدوات حزب الله والأدوات العراقية الشيعية العسكرية والإعلامية والثقافية في خدمة حركة الحوثيين خصوصاً منذ اندلاع الصراع المرير الذي تعانيه اليمن من سيطرتهم على العاصمة صنعاء وانقلابهم على الجمهورية اليمنية بشكل عام.
ونتذكر جميعاً ما قاله "بروس ريدل" المحلل السياسي الأمريكي في تحليل نشره بموقع مونيتور الأمريكي أن القائد القوي لقوات الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني أمر في ربيع 2016، بزيادة المساعدات إلى الحوثيين بما في ذلك المزيد من المستشارين والخبراء على الساحة وتقاسم التكنولوجيا مع القوات اليمنية كما تم إرسال ألغام بحرية وصواريخ مضادة للدبابات وطائرات بدون طيار إلى قوات الحوثيين في تدخل إيراني صريح لإدارة الصراع على الأرض باليمن.
ليس ذنب إيران أن تكون لها طموحات جنونية، فالذنب ذنب الصاغرين التابعين الذين دمروا البلاد والعباد وهم مجرد خدام لخادم صهيوني، يعمل بكل جهده لتدمير المنطقه في تطابق كلي مع المشروع الصهيوني الرامي لنفس الهدف.