تقول إحدى الحِكم المنطقية " إذهب بعقلك إلى ما لا نهاية تجد الحقيقة " هذا هو شعار العقلية المستقلة ، وهذه الحكمة تعبيراً واضحاً عن ضرورة إعمال العقل سبيل معرفة الحقيقة في هذا الكون، فالعقل وحده من يحكم بملائمة شيئاً أو عدمه.
ولأننا بشر، حبانا الله بعقل، وجب علينا إعماله و التفكر به، و هذا أهم مرتكز إرتكز عليه ديننا و كتابنا كمسلمين "القران الكريم" الذي تنادي آياته في مجملها بالتدبر، والتفكر، و التأمل لأختيار الأنسب، ومن أهم الأمور أيضاً هو أن إختيارنا لحياة صادقة، ينسجم الكلام والعمل فيها مع الواقع الملموس بعيداً عن الشطحات أو خلق عوالم إفتراضيه و صنع كذبة، نحن نعلم أنها كذبة و نصدقها.
وعندما تجد الإختلاف و البون الشاسع بين الواقع الملموس و الكلام المعسول الذي تسمعه، فتأكد إنك تستمع لـ"الحوثي" وجماعته و أتباعه وإعلامه، كونهم صنعوا عالماً وهمياً يعيشون فيه والجهلاء،
هذه الجماعة الفاشلة هي أحد أكبر أزمات الواقع في حد ذاتها عبر تطبيقها و تنظيرها الإستهلاكي و الإجتراري لأشياء مستوردة على واقع مفارق، وهذا ما جعلنا نصمها بجماعة "الإنفصام" بالبلدي " المخدرين بأقوى قوتهم" لأنها جماعة تعيش على مستوى المتخيل الذهني لا على صعيد الواقع
فمثلاً، تطالعنا قناة "المسيرة" و المواقع الإلكترونية التابعة لهذه الجماعة، بأخبار مضحكة مبكية أيضاً، فمن المضحك أن تقرأ توجيه المشاط بإعفاء المواطنيين في الحديدة من نصف قيمة "الكهرباء" المتراكمة ، أو خبر لقاء المشاط بمحافظ "سقطرى" المعين من قبل الحوثيين، و يتناول اللقاء مناقشة مستجدات المحافظة و الثناء على المحافظ على دوره في مساعدة المواطنيين و متابعة الوضع خصوصاً بعد إعصار" ميكونو"، و الأشد ضحكاَ وغرابه، هو أن المحافظ يقدم الشكر للمشاط على متابعته المستمرة لأوضاع المحافظة و توجيهه بتحسين الخدمات هناك!! مضحكاً جداً و مبكياً أيضا، هذه جماعة تعيش في عالم وهمي خاص بها، بعيداً كل البعد عن الواقع، و لأننا قلنا في بداية المقال علينا أن نُعمل عقولنا، فنتساءل، يا ترى أين يسكن هذا المحافظ، أكيد في صنعاء، و هل هناك سلطة حوثية على سقطرى، بالتأكيد لا!
ما نوعيه الدعم الذي قدمه المحافظ أو الحوثيين للتخفيف من أثار الإعصار، لا ندري، ما نعلمه و نتأكد منه يقيناً أن هذه جماعة منفصمة عن الواقع، تصنع كذباتها و تصدقها، و الأدهى أنها تتعامل معها كحقائق واقعة، و أتباعهم يؤمنون بذلك بل و يقسمون الأيمان في صحتها.
إلتقى أحد الأصدقاء مع محافظ "مأرب" في صنعاء، طبعاً المحافظ الحوثي، و دار حديث بينهم، وصولا معاً في حديثهما إلى مأرب، فباعد المحافظ بين ذراعيه كلاً منهما على "متكئ" و بدأ ينسج خيالاً يعيشه و يتحدث به، قائلاً، إن المحافظة تعيش أمن و هدوء و عملية التنمية فيها تمضي رغم عرقلة "العدوان" لذلك، نحن نتابع أوضاع المحافظة و نهتم بأهلها، و نعد العدة لتطهيرها من رجس العدوان والمنافقين الجاثم على صدرها!! ، حقيقة هذا ما حدث، متناسياً هذا الشخص " المحافظ" أنه يعيش في صنعاء، و لا يعرف شيء عن مأرب، و لا يستطيع أن يتواجد في نهم، فضلاً عن مفرق الجوف - مأرب، لكنه يسهب في كلامه و خياله، دونما خجلاً من كذبه المستمر، دونما أي إحساس بأننا نكاد ننفجر ضحكاً لأننا نعرف من في مأرب ومن يطورها، و ينمي فيها، لكن الأمر ليس غريباً على جماعة تعيش كما قلنا في عالم وهمي، قدوتهم فيه سيدهم "عاشق الكهف" الذي يتحدث عن التنمية و عجلة التنمية التي دارت بعد نكبة 21 سبتمبر!!!
يبدوا أن هذه الجماعة تريد أن يصدق المجتمع هرقطفاتها، و كذبها، و يعيش نفس الخيال الواسع الذي تعيشه، و يصدق أن هناك تنمية، و رخاء إقتصادي، و يلغي تماماً الواقع المزري الذي يعيشه منذ سيطرتها على السلطة في أواخر 2014، و ينسى عدم صرف المرتبات، و إرتفاع الأسعار، و ينسى كل المر و الهوان الذي يعيشه في ظل هذه الجماعة الكهونتية، و ينتقل معهم إلى عالم الأحلام، و الخيال، فهناك تنمية و رخص، و هناك يد تنهش و تبني و تقتل و تسرق وتبطش و تفجر، وهناك أحجار نستطيع أن نكون أغنى الناس بها كما قال عبد إيران الحوثي.
كم هو مؤلم أن تحكم و تتحكم جماعة تعيش " أحلام اليقضة" في مصير شعب تجلده مشاكل و رزايا الواقع، يقول علماء الطب النفسي أن الإنسان يلجأ للعيش في واقع من نسيج خياله، في أحلام اليقظة خصوصاً عندما يفشل في إشباع نزقه و غطرسته وحاجاته ورغباته، أو قد تكون هذه الأحلام تعويضاً لإعاقة حقيقية، جسمية أو عقلية، كما يمكن عوامل مثل القلق، والإحباط، والشعور بالنقص، و الإحساس بكراهية الأخرين لك، أن تكون الشرارة التي تشعل أحلام اليقظة. وفي بعض الحالات تحول أحلام اليقظة إلى مرض وحالة إنفصام تقضي على صاحبها عندما تتحول إلى سلوكاً مألوفاً لديه.