مرت اليمن بأوضاع مأساوية وصراعات متعددة، عاشت خلالها في ظلم وظلام وتخلف وجوع وتجويع، مما جعلها نقطة مظلمة في الخريطة العربية خصوصا في عهد الإمامة البائد، الأمر الذي جعل الشعوب العربية الحرة والقيادات القومية تتساءل ما الذي جرى لشعب عمره ستة آلاف عام، وهو منطلق كل الشجاعة والعروبة أن يخنع لهكذا كهنوت، وهذا التساؤل جاء بعد المحاولات المتكررة للأحرار اليمنيين في تغيير واقعهم والثورة على ظالمهم وإسقاط الإمامة، وهذا ما كان فعلاً ونجحوا فيه، وما أن انطلقت شرارة التحرر حتى هبت مصر العروبة للوقوف مع ثورة الشعب اليمني التي تفجرت في 26 سبتمبر 1962، ليشق الشعب اليمني طريقه رغم الصعاب والعقبات التي واجهته إلا أنه تغلب عليها بدعم عروبي مصري، فحمل الشعب جميل مصر وموقفها، معروفا وموقفا لا يُنسى، وخلال مراحل الجمهورية اليمنية منذ قيام ثورتيها الخالدتين سبتمبر وأكتوبر، ووحدتها الخالدة، لم ينس اليمن واليمنيون مواقف الأوفياء لجانب الشعب، خليجيا وعربيا، ومهما كانت التباينات السياسية احتفظ اليمنيون بالود لكل موقف وقفته أي دولة معهم.
وكما لم ينس الشعب اليمني مواقف الأوفياء، لن ينسى من تسبب في قتله ودمار وطنه، لن ينسى ما تقوم به الجماعات الأصولية الدينية ومن خلفها داعموها من دول ودويلات، عربية كانت أو أعجمية، فذاكرة الشعوب ليست مثقوبة حتى تنسى الجرائم المرتكبة بحقها وأنظمتها، بدوافع دينية وعرقية وتمددية بائسة، بغية الانتقام من مواقف الشعب اليمني، او جعله ساحة لصراعات بالوكالة، ولذا ما كان لنا أن ننسى الحقد الفارسي الإيراني على اليمن، الذي كان له موقفه العروبي في محاربتهم جنبا لجنب مع الجيش العراقي الصدامي، ولذا تقوم إيران بكل ما من شأنه الانتقام من الشعب اليمني والتنكيل به على يد عملائها وضعاف النفوس مستقطبة في سبيل ذلك كل من أمتلأ قلبه بالحقد الطبقي، والخرافة التمييزية والحق الإلهي، جاعلة منهم وقوداً لنزقها ومكاسبها السياسية التي تنسجم مع مصالحها، غير آبهة بهم وبمصيرهم ونهايتهم المحتومة خصوصا بعد ما أوغلوا في القتل والسلب والنهب والاذلال لشعب حر، يحاول قدر الإمكان أن لا تزر وازرة وزر أخرى، فيأخذ الأبرياء بجريرة السفهاء.
وعلى ما يبدو أن الجماعات الدينية بمحتلف مذاهبها وتبعيتها وعمالتها، تصر على الفناء لذاتها وأرواح تابعيها، ولذا نرى سلوكهم الشاذ والمغلوط الذي يمضون في تطبيقه منذ أحداث 2011، وما خلف من دمار ودماء وتمزق في النسيج الاجتماعي بين فئات الشعب.
وكما كان سابقاً لمصر موقف عروبي، كان للتحالف موقف يحسب لهم هذه الأيام، فها نحن نرى الفرق ما من مدينة يدخلها الكهنوت حتى تحل لعنة الموت والدمار، وغياب الخدمات، وما أن يغادروها حتى تعمل دول التحالف خصوصاً الإمارات التي تجسد فيها الشعار الحقيقي " يد تحارب و تساند، ويداً تبني وتساعد" للقيام بما يمكن من توفير الأساسيات الحياتية والخدمات العامة، ويعرف الشعب حقيقة المعتدي الفعلي، من كان يتشدق بالدفاع عنهم وحمايتهم هو ذاته من يقتلهم ويخفيهم وينكل بهم لمجرد تعبير عن رأي او انتقاد لواقع، وظهر الخبث والحقد والانتقام فمجرد أن تنتفض منطقة وتتحرر مدينة حتى يرسل الحوثيون صواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون عشوائيا تدك منازل الابرياء وتتخطف أرواح العزل من المواطنين أطفالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، ويصرون على كذبهم في حماية الشعب.
إن الواقع يثبت عكس كل ما تقوله مليشيا الوهم والظلام، والحقيقة تكشف أنهم هم العدوان، بزيفهم وخداعهم، وعنصريتهم وفسادهم، وما زالوا في غيهم ماضين، يجنون على أنفسهم ليكونوا منبوذين ملعونين من رحمة الله والشعب.