جلال محمد

جلال محمد

الحوثي والحرب.. وسقوط منظومة القيم

Wednesday 01 August 2018 الساعة 07:07 pm

تسير بلادنا بخطى ثابتة نحو مصير مجهول ومفتوح على أكثر من احتمال، ولعل مشاهد العنف والعنف المضاد التي يعج بها الشارع تزيد من سوء التوقعات وتنبئ بما لا يحمد عقباه، فحيثما تولي وجهك متأملا ولو بنظرة تفاؤل تجد أن هناك إمعانا في تكريس الجهل والتفقير والتهميش، وهي من مقومات فشل الأنظمة كما قال غازي القصيبي: "نحن في سباق مع الزمن إما أن نقتل التخلف أو يقتلنا التاريخ"، وهي أركان معادلة تجعل السلام والتنمية مستحيلة الحل وتجعل الأفراد داخل المجتمع تميل أكثر فأكثر نحو العنف والتخريب والتصرف وفق ما يمليه قانون الغاب للأسف وقد قال ابن خلدون: "الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها"، ولا يمكن أن يصل بنا الانحدار الثقافي والأخلاقي إلى اشد مما وصلنا له في ظل كهنوت الحوثي وعجز وفشل هادي.

وهل من سقوط أخلاقي يفوق ما تنشره آلة الإعلام الحوثياخوان، من كذب وتدليس وإياهم بحق هذا الشعب القهور والمغلوب على أمره، بغية استمرارية المعاناة اليمنية وديمومة الخراب والدمار بما يعود عليهم كأطراف رئيسية تسببا في الصراع، بالنفع وحالة الإثراء من خلال قرصنة كل طرف على ما تحت يده من إيرادات الدولة وجبايات قهرية وتلاعب بالعملة، ومن أبشع حالات السقوط المستمر هو انتهاجهم لرتم موحد في نشر الإشاعات كحادثة الاغتصاب في الخوخة أو حيس، وصولا إلى ما تروج له نفس الادوات والوسائل عن اختطاف نسوة في التحيتا، ولن نتفاجأ بما سوف يبتكرونه من حوادث في زبيد وبيت الفقيه وصنعاء في قادم الأيام، فما دامت هذه الجماعات قد فشلت فشلاً ذريعا في كسب ود وتعاون الناس، وفشلت أيضا في تحشيدهم بالقوة، تقوم اليوم بشحذ همهم واستجدائهم مستخدمة ورقة خطرة مجتمعياً وهي العار والعرض، رغم ان المجتمع فطن لأغلب ألاعيبهم، متناسين أنهم أي "الحوثة والاخوان" يسيئون لليمنيين واليمنيات ويقذفونهم رغم تشدقهم بقيم الشعب وكرامته وبأسه.

شذوذ فكر الإسلام السياسي في اليمن لا حدود له، ولا يختلف عنه ما قامت به بعض العناصر في عدن من مهاجمة للنازحين من الحديدة وتعز، والأكثر جرماً وسقوطاً هم أولئك الكتاب والمواقع الإلكترونية والناشطون الذين يحاولون تصوير النازحين بأنهم مجرمون أو قتلة مأجورون وخطر أمني داهم، متناسين أنهم عانوا كما عانى هؤلاء ويلات الحرب والنزوح والتشرد، ولكن يصر البعض على السقوط الأخلاقي والإنساني وكأنهم في سباق مع الفاشية الدينية الحوثية والاخوانية أي منهم سيصل للقعر أولاً.

نعلم جيداً أن إفرازات الحروب سيئة وانعكاساتها مدمرة على النفس والتعامل، ولكننا في اليمن كنا وما زلنا نفاخر ونراهن على منظومة القيم والأخلاق الإنسانية والاعراف المجتمعية، التي تردع مثل هذه الأفعال والإشاعات، والتي لم نعتَد عليها بهذا الشكل الا منذ مجيئ الفكر الناقم المنتقم، والتدميري الاستعلائي بين شركاء خراب 2011، وما نشروه في أوساط المجتمع بإعلائهم المذهبية الدينية والسلالية والمناطقية، وزرعهم لثقافة عدم تقبل الآخر، بل وجوازهم لقتله لأنه مختلف غير تابع ومسَلم بأفكارهم الظلامية الرجعية التي يجتروها من زمن بعيد أو تعشش في مخيلاتهم المريضة كحق إلهي أو خلافة، متناسين أن العصر اليوم لا يقبل بهم ما داموا بهكذا عقليات وثقافة سيلفظهم الوقت ويقتلهم التاريخ ويرمي بهم إلى مزبلته.