قفزت أسعار السلع بشكل كبير في العاصمة صنعاء خلال الأيام الأخيرة الماضية، في ظل التدهور الحاد في سعر صرف الريال أمام العملات الأجنبية، وغياب أي حلول لوقف الانهيار المخيف للعملة المحلية، فالأطراف السياسية منشغلة بتأمين نفسها ونهب ما تحت يدها، كل في نطاقه الجغرافي المسيطر عليه، ولا يهم ما يتعرض له المواطن في شمال الوطن وجنوبه من معاناة لا يقوى على احتمالها، وتزداد المعاناة أكثر مع أهالي المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة تطلب توفير العلاج بأي ثمن.
فعلى سبيل المثال ارتفعت أسعار الأدوية للمرة الثالثة خلال أقل من عام وهذه المرة بزيادة 30% ليبلغ إجمالي الارتفاع في مراحله الثلاث إلى 140%، مما شكل عبئاً لا يحتمل في ظل توقف صرف الرواتب وانعدام فرص العمل، ولما كان المواطن ينتظر أي تحرك حكومي لكبح جماح الانهيار الحاصل تفاجأ بجرعة حوثية جديدة تضاف على أسعار البترول، ومحاولات حثيثة لخلق أزمة خانقة في مادة الديزل، كما أشارت إحدى المذكرات المسربة.
ولأننا نعيش في زمن أغبر، رأينا الحملة الشعواء ضد شركات هائل سعيد ونغمة التخوين والاتهام لهذه المجموعة الصناعية والاستثمارية بأنها تدعم العدوان والإرهاب والدواعش والجن المردة وكل ما يمكنك وما لا يمكنك تصوره، كما قال بوق الحوثيين النتن "أسامة ساري"، والذي عبر عن لغة الابتزاز والتهم الجاهزة التي تلفقها جماعته تجاه أي تاجر أو مستثمر لا يسلم لهم ما طلبوا من إتاوات وجبايات ونهب منظم.. فبينما كان ساري وأبواق الحوثية يشنون حملتهم، غض المسؤولون والناهبون المستفيدون الطرف عن جرعة البترول والسوق السوداء لسحب العملة، وهذا ما يؤكد أن هذه الجماعة تقتات على دماء الشعب وتترعرع من الجبايات والمنهوبات وتدير السوق السوداء وترفض كل ما من شأنه التخفيف عن المواطن اليمني.
يشترك هوامير الفساد والحق الإلهي شمالاً وجنوباً وشرقاً على تدمير الوطن وسحق الشعب وكل له أسلوبه، فعلى سبيل المثال لم تأبه حكومة هادي ومملكة الإخوان المسلمين في مأرب بالارتفاع الحاد في أسعار الصرف وما يترتب عليه من مآسٍ للشعب، فحكومة هادي كما تشير الدراسات تسببت بهذا الارتفاع بعدة طرق منها وأهمها طباعة عملة نقدية جديدة مغايرة للقديم وهو ما يعتبر إصدارا ماليا جديدا، ولأنه دون غطاء وضمان انخفضت قيمة الريال، وما زالت مستمرة في غيها وعدم تقديمها أي حلول جذرية وصحيحة لهذه المشكلة وانعكاساتها، وفي مأرب تتضخم أرصدة الإصلاح الذي استأثر بالمحافظة ونفطها وغازها، ويستفيد من ارتفاع سعر الصرف كونه يعني زيادة ربحية في أرصدة قيادات الجماعة هناك.
يتشدق كل طرف من أطراف النزاع والخراب بحبه لليمن وشعبه، وأفعالهم تدل بما لا يدع مجالا للشك أنهم باعة متجولون بين العواصم، وسماسرة مستفيدون متاجرون بالأزمة اليمنية ومآسي هذا الشعب، فما بين كذبة الحوثي المتمثلة في حبه ورحمته للمواطن اليمني وتعلله عند دخوله صنعاء لإسقاط الجرعة، إلى شعارات هادي وحكومته وادعاء الوطنية وحب المواطن، ضاع الوطن وسحق المواطن، ويستمر الحال على ما هو عليه، ويواصل ارتفاع الأسعار ينهب جيوب المواطنين.