عناصر ملثمون يجوبون المدينة فوق أطقم الدولة، قوائم انتظار واعتقالات تعسفية، مزاجية تتحكم في المدينة، وطيف حزبي واحد هو المستأثر بكل ما فيها، بهذه العناوين والسمات المزدحمة بالمآسي والرعب والعنجهية، يحكم حزب الإصلاح مدينة مأرب التي حولها لملكية خاصة للحزب ومرتع خصب لفكره، لعله يرضي شبقه نحو السلطة.
يستأثر الإصلاح بمأرب وحكمها وتحاول قيادة الحزب وقواعده تحويل مأرب لإقطاعية خاصة بتنظيمهم، يتغنى ناشطو الحزب بمأرب، والحرية والعدالة والاستقرار، متناسين أن مأرب دولة وحضارة وتاريخاً منذ لم يكن في الكون سوى "سبأ" و"روما"، إلا أن الحزب وإعلامه وناشطيه وجلاوزته يريدون التغطية على الحقيقة المرة التي يعيشها أبناء مأرب، وكل يمني "غير إصلاحي" يعيش في مأرب، خصوصاً إن كان معروفاً كـ كاتب أو صحفي أو سياسي أو شخصية اجتماعية عارضت الإصلاح ونهجه، فهؤلاء تزدحم قوائم الانتظار الأمنية بأسمائهم.
كنا نتطلع أن يكون الكلام الذي يلصق في "الإصلاح" خطأ، وكنا نتطلع أن يفندوا ما يُقال عنهم وعن إقصائهم وحقدهم، واستغلالهم، إلا أن الواقع أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنهم مرضى لا يستطيعون التعايش مع المختلف، يعانون من عقد كثيرة أولها وأهمها عدم الثقة في النفس مما جعلهم يشكون في كل شيء، ويتعاملون بريبة وخوف وسادية مطلقة مع من لا يتفق معهم.
استحوذ الإصلاح على ما يسمى "الشرعية" فأصبح يستخدمها كـ عصا ينتقم بها وباسمها من الجميع، ويعادي بها الجميع، ليتصدر هذا التنظيم المراتب الأولى في الفساد المالي والعبث بمؤسسات الدولة والتزوير في ملفات الجيش والأمن الإخواني الذي أسموه زوراً و بهتاناً "الوطني"، وما كشفته التحقيقات التي قامت بها دول "التحالف العربي" في أعداد المجندين إلا دليلاً على الاستغلال والنهب الممنهج الذي تتعامل به هذه الجماعة التي جندت أتباعها حصراً، ليس لخدمة اليمن، بل لحماية مصالح الحزب وشخصياته وأجندته.. فقد استطاع الإصلاح أن يؤسس لإمارة خاصة به مستفيداً من الدعم المالي السخي الذي قدمه التحالف، وليس بعيداً أن يكون الحزب أول المعرقلين للتوصل لتسوية سلام، فالسلام يعني انقطاع الدعم والتمويل لاستكمال ما يريد أن يكمله رغم نهبه لإيرادات مأرب.
لا يستطيع الإصلاح أن يعيش دون حروب أو أزمات، شأنه شأن أي جماعة دينية اتخذت من الدين سلماً للوصول السياسي، ولذا نراه يفتعل المشاكل والفتن من تعز إلى مأرب، وها هي الاشتباكات على أشدها في تعز بين «رفقاء التحرير والمقاومة»، من «الإصلاحيين» و«السلفيين»، والتي راح ضحيتها العشرات من المدنيين، والعناصر المسلحة من الجانبين، فالدبابات والعربات العسكرية التابعة للإصلاح، والمتمركز في تبة الإخوة، قصفت مواقع جماعة أبو العباس في قلعة القاهرة، كل ذلك نتيجة عدم قبول "الإصلاح" بدمج "جماعة أبو العباس" في قوام الجيش الذي تراه حكراً عليها وملكاً لها.
يتفنن الإصلاح وقواعده الشعبية في استعداء كل من حولهم، حتى القبيلة التي تعتبر أهم مقومات هذا الحزب وداعميه، على اعتبار أن هذا الحزب يتحرك و فق رؤى ثورجية ينظرها لهم شيخ قبلي، إلا أن الغباء لا يرحم ودوماً يورد المهالك، فمن اشتباكات تعز إلى جريمة "الفلج" بحق شخصيات قبلية، بات الإصلاح أكثر عزلة وأكثر انفضاحاً أمام الرأي العام المحلي الذي يعي منذ الوهلة الأولى وصولية هذا التنظيم واستعداده للتخلي عن كل القيم والمبادئ إن كان يملكها في سبيل الوصول للسلطة، وما إن يصل حتى يتحول إلى غول متوحش ويدمر التعايش والسلم الإجتماعي.. فهل يعي الإصلاح ما أقدمت عليه عناصره وما آلت إليه ثقافته المنغلقه والأنانية؟!!
فهل فعلاً يريد الإصلاح دولة ونظام وقانون وتعايش وإخاء كما تتحدث قياداته.. أم أنه استمرأ الخلاف والاقتتال والاستعداء والتدليس؟!