لن يعود الشهداء للحياة وهذا مؤكد، لأن الحقيقة الأكيدة التي نعرفها هي حقيقة الولادة والموت، لكن هناك بشر لا يقتلهم الرصاص، ولا تطويهم حروف الزمان وأسماؤهم عصية على النسيان، لأن أرواحهم تظل تتحفز وتهيئ الناس حتى يولد من سيكون وفيًا لهم ويستعيد جذوة الثورة، ونار التمرد على الواقع المزري وروح القتال.
لن يعود علي عبدالمغني، كما لن يعود الزعيم صالح والزوكا وأبو حرب وكل حر شجاع ووطني سبتمبري، لكن الوفاء لهم وللمبادئ والقيم الوطنية التي ناضلوا واستشهدوا في سبيلها سيكون حين يحمله الفدائيون الأحرار من منتسبي الجيش والمقاومة ضد المشاريع الظلامية والكهنوتية التي تنفذها قوى الإسلام السياسي "الحوثي والإخوان"... حين يعيد أبطال الجمهورية الوضع إلى نصابه ويحفظون للوطن سيادته ونظامه وللشعب كرامته وعزته.. فحينها فقط يعود الشهداء من خلال تحقيق أحلامهم وتطبيق ما خططوا له لأجل اليمن أرضاً وإنساناً.
لقد علمتنا الثورة الخالدة وأبطالها منذ انطلاقها في 26 سبتمبر 1962 أن الظالم يسقط مهما علا في سماء الطغيان..
وأن ظلام الاستبداد سوف ينقشع عند أول تكبيرة في محراب التحرير..
علمتنا الثورة أن الشعوب الجريئة:
تعلم أن باب الحرية تفتحه قطرات حمراء على أجساد أرادت الحياة.
وأن الشعوب التي يسكنها الخوف هي شريان حياة للاحتلال وللطاغية المستبد..
نستحق الحرية إذا شعرنا بآلام الاستبداد والاستعباد..
ونستحق التحرير إذا كسرنا حاجز الخوف، والضعف وأوهام الحياد..
هكذا تصاغ الجملة الثورية، وهكذا يَعبُر الثائر الحر طريق النصر، فهو كمن يصيب عصفورين بحجر واحد..
يبني وطنين، واحدًا في الأرض، وآخر في السماء، لكنه يقطن الثاني... ولذا ستنكسر أوهام الحوثي ويدفن مشروعه السلالي بتكاتف الجميع وستحل القضايا الوطنية الخلافية شمالاً وجنوباً بنفس جمهوري وطابع ديمقراطي لا مذهبية ولا مناطقية ولا سلالية، وسيعرف اليمنيون أي آفة كانت تجثم على صدورهم وأن أي مصيبة ستكون أهون مليار مرة من مشروع الحوثي ومشاريع الإسلام السياسي، الذي يريد تقسيم الشعب بين سادة وعبيد..
في علم الأنثروبولوجيا نظرية تقول إن الناس كانوا في الماضي يقومون بطقس استسقاء خاص؛ يدقون أبواب بيوت القرية، فتخرج سيدة البيت، تسأل الموكب: ماذا تريدون؟ فيرددون ضمن نغم معين: إنهم يريدون شرب الماء. وعندما تأتي بكوب الماء، يرشقونه للأعلى، لعل الماء وهو عائد يجتذب المطر. وهذا إيمانٌ بأنّ الشيء يأتي بقرينه أو بمثله. وللأسف، لا شيء يُصدّق هذه المقولة كما "الدم"؛ فالدم يستجلب الدم، وهذا ما فرضه الحوثي وما زال مصراً عليه، فمن جاء على نهر من الدم، لابد أن ينتهي بالدم، لأن المنطق والحوار أبعد ما يكون منه.