في إطار اكتشاف إخواني للعلمانية خلال الأيام القلائل الماضية، قرأت ما نصه: "تعتبر المواجهات مع أبي العباس في تعز هي مواجهة بين الاتجاه العلماني الديمقراطي، وبين الاتجاه الديني المتطرف"!
وبالتزامن مع هذا التقديم الطريف للإخوان "العلمانيين" حول حقيقة الوضع في المحافظة التي شهدت صراعاً آخرَ بين قوى المقاومة مؤخراً، قيمت اللجنة الوطنية للتحقيق في الانتهاكات الاقتتال هناك بأنه ليس صراعاً (سلفياً -إخوانياً) وبأن كتائب العباس لا تمثل السلفية في تعز كما لا يمثل اللواء 22 ميكا حزب الإصلاح.
هذا الكم من المغالطات المستمرة، التي تتحدى وعي وإدراك المجتمع هناك لحقيقة الأطراف المتصارعة، وما يدور من معارك تلقي بأشد ما فيها على رأسه فقط، لا يساعد في خروج المحافظة من الدائرة الأسوأ التي وضعت فيها، وتطورت لتعميم قضى بخروج ما يسمى بكتائب العباس من مدينة تعز.
التطور الأخير من قبل السلفيين، الذي كما يبدو أزعج الطرف الإصلاحي المقابل، فبدأت أدواته الإعلامية تنقلب على ذاتها معتبرة أن هذا التعميم تجاوز الأوامر العسكرية للدولة، وهم من طالما فعل ذلك في عهد صالح، ثم أيضاً في عهد الرئيس هادي وتحديداً في تعز، وفي إطار الخلاف الذي أوصل الوضع هناك إلى هذه المرحلة.
لا يمكن أن نجد تفسيراً مقنعاً لهذا الاستهلال الإصلاحي لخروج السلفيين من محافظة تعز، سوى أنه نموذج لما يراد للمحافظة ذاتها أن تكون.. أن تبقى بمجملها وبكل قواها خاضعة للسيطرة الإخوانية وتحت سلطتها، ومؤدية للأدوار التي تراد لها لخدمة متطلبات من يقف خلفهم.. وليس مهماً القالب الشكلي الذي سيعطى لها بين إصلاح معتق أو "طفرة" علمانية اكتشفت ذاتها مؤخراً جداً..!
في الحالتين، مازالت المواجهة مستمرة بين أطراف المقاومة في مدينة تعز، في حين تشتعل جبهات المحافظة جنوباً والحوثيين على مرمى حجر من الجميع.