▪️ لا شيء أوضح من الواقع الانفصالي الذي تمارسه جماعة الحوثي بكامل شروطه على الأجزاء الشمالية والغربية من البلاد، ويشمل ذلك عاصمة الدولة ومركزها.. لكن قلة قليلة يتحدثون عن هذه المسألة في سياق الخطاب الإعلامي والسياسي للأطراف المساهمة في الحرب ضد الحوثيين.
في الحقيقة، يوجد أكثر من تفسير لهذا النقص الفادح الذي يعتور استراتيجية الحرب، لكننا سنركز على تفسير واحد يتعلق بعجز الحكومة الشرعية عن تأسيس مركز سلطة من شأنه التحكم، برؤية وطنية منسجمة مع فكرة "الشرعية"، في المساحة المترامية الأطراف التي تم إخلاؤها من الحوثيين.
هذا العجز بالتحديد هو الذي يجعل من أي خطاب يصف جماعة الحوثي بالانفصالية فاقداً للمصداقية والأثر. لا يمكن إظهارها في صورة الجماعة الانفصالية إلا بالقياس إلى مركز وطني توحيدي. وهذا المركز لا وجود له حتى الآن. سيقال عدن. لكن عدن خاضعة لجماعة انفصالية فخورة بانفصاليتها بينما جماعة الحوثي انفصالية عملياً لكنها لا تعترف بذلك بل إنها تطرح ضمن خطابها دعاوى وحدوية تتحدث عن الأجزاء اليمنية التي انتزعها التحالف بقيادة السعودية من سيطرتها باعتبارها أراضي يمنية محتلة.
كان يمكن لمدينة عدن أن تضطلع بهذا الدور الوطني على أفضل وجه، في حال كانت محكومة بالفعل من قبل السلطة "الشرعية" المعترف بها دولياً. وهذا الشرط غير متوفر.
هل الوحدة قضية خاسرة ولا تستثير الحمية من أحد؟ لا أعتقد ذلك.
في الدعاية ضد الحوثيين لا يكفي وصفهم بالانقلابيين أو الكهنوتيين. لقد وضعوا أنفسهم في شكل يتناقض كلياً مع ركائز وأركان الوطنية اليمنية وعلى رأس ذلك قضيتا الجمهورية والوحدة.
▪️القول بأن المشكلة تكمن في منطقة جغرافية محددة ونطاق اجتماعي محدد يشار إليه لمزاً هكذا: "المركز المقدس"، هذا القول يشبه تماماً في لاعقلانيته القول بأن الحل في آل البيت المتفوقين عرقياً.
كلاهما لا يمكن إثباتهما عقلانياً بالتجربة والملاحظة والحجة.
بعبارة أخرى: القول بالتفوق الطبيعي (الفطري) لعرق أو سلالة هو موقف لاعقلاني ودوغمائي مثله مثل القول بالانحطاط الطبيعي (الفطري) لعرق أو سلالة أو منطقة.
اي نقاش يأخذ هذا المنحى هو نقاش غير عقلاني في الأساس. والاتجاه الذي لا يستطيع أن يرى في الحوثي أكثر من واجهة ل"لمنطقة الزيدية"، رغم كراهيتي ونفوري لهذا المفهوم القبيح، هذا الاتجاه له مذاق الخذلان المرير بالنسبة للمتأذين والمناوئين للحوثي، وهم الأكثرية، داخل هذه المناطق الموصومة عن جهالة مزدوجة من الحوثيين ومن أشباههم الطائفيين. منذ البداية، لم يهزم سكان مناطق صنعاء وشمالها وغربها ويسقطهم في يد الحوثي أكثر من ذوي التوجهات المنطوية على نظرة طائفية أو مذهبية أو جهوية.