قال أحد الشعراء متقمصاً لشخصية المستبد: سأحرمكم حتى يذل صعابكم * وأبلغ شيء في صلاحكم الفقر
لم تكن أحداث المظاهرات التي انطلقت، ولو بأعداد محدودة في صنعاء، وبشكل مكثف في عدن وتعز وغيرها كـ شرارة "ثورة جياع"، إلا تعبيراً فاضحاً لحقيقة وجوهر ما يعانيه الشعب اليمني على يد سلطات النهب القائمة "شمالاً وجنوباً"..
ولنكن منصفين، فحال المواطنين في المحافظات المحررة، خصوصاً الموظفين، لعله أفضل بسبب تحصلهم على المرتبات، وهذا يجعلهم أفضل بدرجة عن من يقع تحت سلطة السلالة القمعية الحوثية والتي لطالما حاول بعض المثقفين والكتبة المأجورين إبرازها كحركة فتية جمهورية لا صلة لها بالكهنوت الإمامي السلالي، إلا أن الواقع والأحداث المتتالية كشفت عن حقيقة "أن المخزن هو هو لم يتغير"، ولن يتغير، وأن العهد الإمامي البائد يشبه تماماً ما نعيشه اليوم في العهد "الحوثي"، فهما وجهان لعملة واحدة، ومن يدري لعل هذا أمر مرتبط بالجينات الوراثية لهذه السلالة الكهنوتية العنصرية التي تتلذذ باستعباد الشعب وإذلاله وتجويعه، وكما كان الشعب في عهد الإمامة البائدة يأكل الأشجار في سنة من السنوات التي سُميت "سنة الجوع"، فها هو الحوثي يعيد لنا نفس المشاهد وبالضعف، فالسنة أصبحت "سنوات الجوع"، سنوات التدمير والبطش والقتل والنهب، سنوات الزيف والتشدق المستمر بحب الشعب والوطن، ليضيف الحوثي فصلاً جديداً للسجل التاريخي الأسود لهذه السلالة الحافل بالظلم وانتهاك حقوق المواطنين، وبكل ما يشكل خطراً يهدد الوطن برمته.
إن الواقع المزري الذي وصلت له أوضاع اليمنيين، خصوصاً القاطنين في المناطق الواقعة تحت سيطرة "الحوثي" جراء نهب الرواتب وارتفاع الأسعار واللامبالاة التي تبديها سلطات الأمر الواقع في صنعاء، بل وإصرارها على التنصل من المسؤولية برمي التهم وتوزيعها دون إيجاد حلول ومعالجات لكل المساوئ التي ترتكبها، كل هذه الأفعال المشينة جعلت المجتمع يضيق ويتبرم منهم ويظهر ذلك جلياً من خلال النفور المجتمعي تجاههم والنقمة التي يحملها الشعب لهم بسبب سياسة التفقير والتهميش الذي تعيشه صنعاء، وأخواتها من المدن والمناطق اليمنية المفقرة في ظل واقع سلطوي مليشاوي "فيدي"، واقع كشفوا فيه عن الوجه القبيح والحقد الدفين تجاه اليمن وكل ما هو يمني، وجه مقزز سيمته النفاق، فبعد أن استنفد أغراضه ووصل لمبتغاه، وتمكن بقوة السلاح والبطش والإرهاب من السيطرة على الدولة، تخلوا عن ما كان يخادع البسطاء به، ونسوا كل الشعارات التي كانوا يصدعون رؤوسنا بها، بالأمس قالوا إن الجرعة قاتلة وهي "500 ريال" وبسببها خربوا الوطن...
بالأمس قال عبدالملك الحوثي في إحدى "مسرحياته" في بلادنا ثروات تجعلنا أثرياء، وضرب لنا مثلاً "الأحجار" واليوم يقولوا "كلوا البطاط"!! بالأمس يعجبوا لمن يبات جائعا ولا يصحو حاملا سيفه، واليوم بعد انقلبوا على الوطن والدستور والقانون يقولون "موتوا جوع" وكما قال أحد مثقفيهم "من أراد دقيق وغاز وراتب يسير الجبهة" مع أن هذا المثقف أربعة وعشرين ساعة في "الفيسبوك" و"تويتر" ولم يتحرك للجبهة، لعله ليس مثلنا يحتاج للدقيق والغاز والمرتب.