▪الحوثيون يتعاملون مع موضوع "الولاية" بغريزة تسويق تجاري لسلعة قديمة، سيئة السمعة، وتعاني البوار، فاهتدى أصحابها إلى أنها لا تحتاج شيئاً أكثر من حاجتها لحملات ترويج ودعاية، بإفراط ولجاجة.
لقد أغرقوا الشوارع والمنشآت والجدران والجبال والآكام والسطوح باللافتات والجداريات والشخابيط قبيحة المنظر والملصقات والإذاعات والشاشات. كما لو كانت حملة إعلانية لخدمة اتصالات أو حليب المراعي أو سمن القمرية أو إعلان للتطعيم ضد الحصبة أو حملة انتخابية لمرشح قليل عقل.
منهمكين تماماً في عملية تسويقية هذيانية، وكأن كل ما تحتاج إليه "الولاية"، لكي تحظى بالرواج والإقبال، هو الإفراط في الدعاية، وإذا بأفواج المستهلكين تهب عليها هبة رجل واحد بمجرد الاستماع والمشاهدة لعبارات إعلانية كهذه:
"حصنوا أنفسكم بإعطاء الولاية لعبدالملك"
"الولاية للمذاق الشهي"
"الولاية معكم في كل مكان"
"الولاية.. مشروب الطاقة والانتعاش"!
لكن الأمر لا يقتصر على التسويق والدعاية التجارية البحتة التي تترك الاختيار للمستهلك. والمضحك في هذا كله أن الجهة التي تلجأ لأساليب التسويق التجاري ليست سوى عصابة إجرامية أغلقت السوق بعد مداهمته، وقامت بمنع كل السلع من جنس سلعتها، وأفرغت بقوة السلاح المجال لمنتجها الوحيد.. فاختفت بذلك كل الشروط والأسس التي بموجبها أصلا يمتلك النشاط التسويقي ضرورته، وجدواه، ومغزاه، ويكتسب مفعوله.
تخيلوا شخصاً يضع فوهة المسدس في صدغك بعد أن يمسك بك من حلقومك، ثم يجرعك روثاً ذائباً وأوساخاً، وفي الأثناء يحاول إقناعك بالفوائد الجمة لهذه الأوساخ.
طيب.. إذا كنتم جمهوريين حقاً، كما تقولون، فبأي معنى تستخدمون كلمة "الولاية" وتلطخون بها الشوارع والفضاء العام؟
ما المعنى الذي تريدون إيصاله في الوقت الحالي من خلال الترويج المبالغ فيه ل"الولاية"؟ وما هو الإيحاء الذي تبثه هذه الكلمة في النفوس؟ ما هي الترجمة السياسية والعملية لهذا المفهوم في الواقع؟ إذا لم يكن القصد هو "الإمامة" التي يعرفها اليمنيون.. فما هو القصد إذن؟
▪يزعمون أنهم مع الجمهورية.. لكن أي جمهورية يريدون؟
ليس لديهم فكرة واضحة!
يزعمون أنهم مع الديمقراطية.. لكن أي ديمقراطية يقصدون؟
لم يبلوروا تصوراً واضحاً حول هذا الأمر!
يزعمون أنهم مع الوحدة.. لكن أي وحدة يريدون؟
ليس لديهم جواب واضح المعالم!
يزعمون أنهم مع السلام.. لكن بأي شكل وضمن أي شروط؟
لم يحسموا أمرهم بعد!
يزعمون أنهم مع الشراكة.. لكن ما هو المعنى الذي تشير اليه هذه الكلمة؟
لا يعرفون شيئاً عن ذلك!
إنهم يطلقون هذه المزاعم لأنهم بكل بساطة لا يمتلكون المقدرة على معارضة كل تلك المبادئ والأفكار والمفاهيم التي تشربها الناس على مدى عقود واستوعبوا كثيراً من جوانبها وانتظموا في إطار الدولة على أساسها ولم يعد من الممكن اتخاذ موقف سلبي منها لأن من يفعل ذلك يعرض نفسه للخسارة، وخصوصاً الجمهورية.