مروان الجوبعي

مروان الجوبعي

تابعنى على

الحروب القذرة

Friday 12 October 2018 الساعة 04:20 pm

ذات يوم دخلت بجدال مع أحد الأصدقاء من أبناء الشمال، والذي كان يحاورني بغطرسة الشمالي البسيط المعهودة عندما يتحدث عن الجنوب -طبعاً حسب التعبئة منذ عقود- قال: "في الجنوب كانوا يؤخذوا البنت من بين يدي والدها، وكان وكان وكان".

تحدث صديقي بكل تلك السخافات التي عادة ما نسمعها على لسان البسطاء الذين استقوها من الخطاب السياسي التحريضي ضد الجنوبيين لعقود، كان يتحدث بهذه السخافات بلهجة الواثق وكأنها حقائق دامغة.

حاولت أن أفهمه أن هذه مجرد افتراءات كان يتبناها رجال الدين والساسة ليبرروا حربهم ضد الجنوب ويضحكوا على عقول الناس، لكنه سخر مني وقال لي: "أنت أيش عرفك يمكن كنت صغير أو أنك تعيش بالقرية وما تعرفش الحقيقة؟".

قلت له "يا عزيزي عندي عقل وأستطيع أن أعرف الحقيقة وأميز بينها وبين الأكاذيب ولا يمكن أن تنطلي عليّ هذه السخافات".

وعندما وجدته مصمماً على أن تلك السخافات هي حقائق، حينها قلت له:
"مثلما لم أصدق هذه السخافات التي كانت موجهة ضد الجنوبيين لم أصدق أيضاً سخافات أخرى كنت أسمعها من الجنوبيين موجهة ضد الشمال"..
قال "ما هي السخافات الموجهة ضد الشمال؟".

فرحت أقص عليه قصة يتداولها بعض العامة عن ممارسة الزيود في المناطق الوسطى وهي قصة معروفة للجميع.

تتحدث القصة أن رب المنزل بالمناطق الوسطى أيام حكم الإمام إذا عاد ووجد أحذية الزيدي باب منزله يعود من الباب. وبدون ما أوضح ليش وكيف قده با يفهم الفهيم.

بعد أن أعطيت له هذا المثال قلت له "متى سنحترم بعضنا ونترفع عن هذه التفاهات والقصص السخيفة؟".

ثم أضفت "هذه القصة أيضاً كانت جزءاً من الحرب الإعلامية القذرة، هي ليست حقائق، مجتمعاتنا أرقى من أن تكون كذلك فلا داعي لتشويهها بهذه الخزعبلات وهذه القصص القذرة".

بعدها تغيرت نظرته للجنوب وربما استوعب أن ما كان يحمل من أفكار مجرد أكاذيب كانت جزءاً من الحرب الإعلامية التي عادة ما يستخدمها الخصوم فيما بينهم.

تخيل هذه الأكاذيب دامت لعقود في عقول العامة ولم تغادرها، اليوم هناك آلاف القصص والأكاذيب التي تسربها مطابخ الإعلام القذر، آلاف القصص ستعشش بعقول البسطاء وتزيد الطين بلة.

لعناتي على الساسة ورجال الدين وتجار الحروب الذين شوهوا عقول البسطاء وأغرقوها بوحل القذارات.