أُصدر هادي، مساء أمس، قراراً بتعيين رئيس جديد للحكومة، وإقالة المهندس أحمد بن دغر وإحالته للتحقيق، وكما جاء في حيثيات الإقالة أن المسبب لها هو الفشل الذريع في معالجة التدهور الحاد للعملة الوطنية والفشل في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة "لُبان" الذي أغرق المهرة، رغم أن التدهور الاقتصادي مستمر منذ بداية الحرب وتوقف الصادرات وتدمير البنى التحتية الاقتصادية والصناعية، مضاف إليها سياسة طبع العملة النقدية بتصميمها الجديد والتي تعد وفق خبراء اقتصاد "إصدارا ماليا جديدا" بنكنوتا مختلفا، دون غطاء مقابل، وهذا يُعد سبباً رئيسياً في تدهور العملة مع الأخذ بالاعتبار النهب للموارد الحكومية ونقل البنك وامتناع مليشيات الحوثي عن توريد إيرادات المناطق الخاضعة لسلطتها إلى البنك المركزي في عدن، و كذلك رفض سلطات مأرب التوريد أيضاً، وهذه أسباب تضاف لجملة مسببات كارثية تقف خلف تدهور العملة..
ونحن لا نبرر من أجل بن دغر ولكن ليس منطقياً تحميل الرجل وزر كارثة شاركت فيها عدة أطراف في الداخل والخارج، فالرجل لم يكن يستطيع العمل بحرية أو بالأحرى لا يوجد مناخ مهيأ للعمل، فعدن تتجاذبها الإشكالات المفتعلة بسبب سوء وغباء الإدارة الكبيرة المتمثلة في "هادي" وهو العاجز عن توفير أدنى مقومات الحياة المستقرة في عدن وأبين والضالع، فمن العجب استغرابه لعدم قيام أتباعه بواجبهم تجاه المهرة.
نتذكر أنه عندما تدفقت السيول العاتية على محافظتي المهرة وحضرموت في عهد الشهيد علي عبدالله صالح، طار بنفسه على متن "هيلوكبتر" يتفقد الأوضاع في المحافظتين ويشرف على عمل الإجلاء والإنقاذ والإغاثة، لأنه كان رئيسا للبلد وواجبه يحتم عليه القيام بما قام به تجاه أبناء الشعب، لم يرم التهمة على حكومة مجور حينها، وهنا يكمن الفرق بين رئيس يشعر بشعبه ويستشعر مسؤوليته تجاهه ورئيس ينام للعصر، كما قال مبعوث الأمم المتحدة الأسبق جمال بنعمر.
وعلينا أن نفهم أن الإطاحة بـ"ابن دغر" ليست إلا تعبيراً صريحاً على حالة التخبط الذي تعيشه مؤسسة الرئاسة اليمنية، وهيمنت قوى إقصائية على مصدر القرار فيها، قوى تستأثر بكل شيء وترغب في إقصاء أي فرد له جانب من النجاح خصوصاً إن كان محسوباً على "حزب المؤتمر"، الحزب الذي قد تكون إقالة ابن دغر نتيجة الصراع على قيادته.
إن إقالة ابن دغر كانت متوقعة في ظل التجاذبات داخلياً وخارجياً وضرورة ترضية عدد من الأطراف.. ولعل ابن دغر كان كبش الفداء الأبرز لهذه الترضيات، ولكن لم يكن أحد يتوقع أن يُحال للتحقيق وان تظهر "لكنة" الحقد بتلك الحدة ضد الرجل حتى على مستوى ديباجة القرار الصادر.
ومن المضحك أن يأتي هادي برجل جديد ، لا خبرة له في الإدارة والاقتصاد ليدير مرحلة تعد من أصعب المراحل في تاريخ اليمن السياسي، إذ أن الوضع يتوجب أن يُدار من قبل خبير إداري واقتصادي لا مهندس أو رجل فلسفي، كان يجدر بهادي أن يعين رجلاً إدارياً يمتلك خبرة ودراية حتى يكون كـ دليل على جدية الرجل في المعالجة وإيجاد حلول للوضع المالي والحد من الانهيار على الأقل.
الحقيقة تعيدنا مرة أخرى للتسليم بأن الإقالة مجرد انتقام من شخص يراه "جلال" منافساً لأبيه في كل شيء ويتفوق عليه في عدد من المحطات ويحظى ببعض القبول على الأقل لدى بعض الشخصيات القيادية في حزب المؤتمر، وفي سبيل ذلك أراد "جلال" أو لنقل "هادي" إزاحة أبرز المنافسين له إن سلمنا بأن هناك منافسة على رئاسة حزب يحتضر جراء الجراح التي أثخنته بخنجر هادي وغيره من النافذين.
ختاماً.. لابد من معرفة شيء وحيد هو قديم / جديد، بأن هادي كارثة على الوطن والشعب، فكل من كان يشكو من غباء هادي كان يشيد بـ ابن دغر ويعتبره مطفئ حرائق هادي ورجل الدولة الوحيد الباقي حول هادي.. وكعادته يتفنن هادي في خنق نفسه وإحاطة ذاته بالفاشلين مرتمياً أكثر وأكثر في حضن من يكرهم الشعب ويتقزز من مجرد ذكرهم... الإصلاح ينتقم من اليمن واليمنيين بيد هادي، وينتقم من هادي بغبائه وحقد وعنجهية نجله.