زمان، أيام ما كان معانا دولة، كان الواحد مننا حتى وهو طفشان من الوضع يقول بالفم المليان "أنا يمني وافتخر"، وكان عندنا ما نفتخر به بين الخلق، على الأقل كان معانا علم واحد، ومعانا في البلد حاجات بسيطة تخليك بين الناس مفتخر.
اليوم اختلف الحال، وكل الذين تسلّموا مهام إدارة شؤون حياتنا، خلال الأربع السنوات الفائتة، جعثونا وفحرونا فحر وسرقوا منا كل شيء، حتى مشاعر الفخر سرقوها علينا، وكلما أشتي أقول بلسان فيصح "أنا يمني وأفتخر" لسان حالي يكذبني واكتشف أنني في حقيقة الحال "يمني وأفتحِر".
أيوه والله، أنا يمني أفتحر فحر الحمير في الحياة عشان أشياء بسيطة تساعدني على العيش، كأن آكل وأشرب وأدرّس أطفالي وأدفع إيجار البيت، وأفتخر قدام زوجتي مرة واحدة آخر كل شهر أننا رجال ومعي معاش، لكن وحتى هذا الفخر البسيط سرقوه مننا عيال الحرام وخلونا ندخل بيوتنا ونخرج منها إلى السوق من دون أي مشاعر فخر، وأصبح السرق في الحياة وعيال السوق هم الرجال الشطار اللي يُفخر بتاريخهم النضالي، وأنا واللي زيي من الناس، الرجال اللي نفتحر بتاريخنا وأحنا أحياء ونفتحر وأحنا ميتين وأهلنا يفتحروا معانا وبلادنا تفتحر مثلنا وحظنا من المفخرة قليل وحظ الفحررة وفير وكل شيء من حولنا يفحررنا طريق طريق واحنا صامدون بكل فًحرٍ واهتزاز.
الدولار في السوق يفحر أبتنا فحر، والأوضاع الاقتصادية تفحررنا وتفحسنا فحس والحوثي في مناطق سيطرته يفحر أبتنا فحر ويشتينا نتفخر به! على موه نفتخر بالحوثيين طيب؟ والله ما لي علم.
والشرعية تفحر أبتنا في مناطق سيطرتها وكل شوية تجيب لنا ناس هبل يتميدروا علينا وتشتينا نفتخر بها! ايش عملت الشرعية اللي تفتحر في الرياض عشان نفتخر بها في الداخل؟ والله ما لي علم.
ودول التحالف التي نفتحر بدورها البطولي في مساعدتنا بالتخلص من الانقلاب واستعادة الشرعية لها أربع سنين تفحرنا براً وبحراً وجواً وما لقينا منهم غير الفحير وكيف نفتخر بهم طيب؟ والله مالي علم!
أشتي أصيح بكل صوتي وأقول: أنا يمني وأفتخر، لكن عيال السوق ما عد خلوا لنا مجال.. إذا وصل اليمني إلى أي مطار يفحروه فحر.
وحتى دول الجوار اللي جاءت تحررنا ولا دولة منهن، للأسف، تقبل اليمني في بلادها وتشتينا نجلس نفتحر في بلادنا ونفتحر بهم كجيران.
وكيف أقول يمني وأفتخر، وإحنا اليمنيين أنفسنا ما نقبل بعضنا البعض كشعب واحد وأمة واحدة، وكل واحد مننا يفحر الثاني بلا رحمة ولا شفقة، وكلما جينا نفتخر بشي مليح في بلادنا، نفتحر به ونفحره ويفحرنا ولماعد نقدر نواصل الفخر بأي شيء.
كان معانا الوحدة اليمنية نفتخر بها، فحرنا أبو هذه الوحدة فحر، وغوبرنا بها، وأصبحت مجالاً مفتوحاً للفحر اليومي بين الشمال والجنوب.
وكل شيء في بلادنا في وضعها الراهن عموماً لايدعو للفخر وإنما يدعو للفحر.. لا معانا دولة سوا، ولا حكومة بنت ناس، ولا أحزاب سياسية عندها مروءة، ولا معانا سياسيين محترمين، ولا جيش يمكن الافتخار به، وأصبح لدينا في حياتنا السياسية والدينية والاقتصادية رموز هبلى وسخيفة ولايستطيع الواحد معها أن يرفع رأسه حتى شبر واحد إلى السماء.
والذي كان يفتخر أنه موظف ومستور أصبح الآن يفتحر وهو مراعي للراتب المسروق.. والفقير اللي كان يفتخر أن عياله متفوقين في الدراسة أصبح الآن يفتحر وهو يشوف عياله بلا دراسة وعيال السوق يدرسوا ويتفوقوا والحياة متصالحة معهم.. واللي كان يفتخر أنه ناجح في عمله أصبح الآن يفتحر وهو جالس في البيت يشوف شوية فرغ بني فرغ يشتغلوا ويطلبوا الله مع كل طرف وأمورهم سالكة، وحايتهم عال العال وهو مقعلل في البيت.
بين الفخر والفَحر الفارق بسيط، على أية حال، يدركه جيداً اليمنيون الذين عاشوا في هذا الزمن الـ(...) الذي ما فيش معانا فيه ما يجعلنا نفاخر بين الأمم بشيء غير أننا شعب صامد ومفحور وملطوم من الكل.