محمد أنعم
الصراع الحوثي – الحوثي.. والبحث عن قارب نجاة (2-2)
لقد أصبح الصراع (الحوثي – الحوثي) متوحشاً، وعلينا كيمنيين ألا ننشغل بسطحية أخبار بعض الفضائيات، وإنما يجب أن نتمعن في خفايا المعركة، وما يحل في منازل جيراننا.. فثمة أسر تمكن الدجال عبدالملك الحوثي من إبادة رجالها وشبابها في حروبه العبثية، وعلى سبيل المثال أسرة الوشلي في ذمار، وأسر أخرى زجها في صراعات وثارات مع أبناء المناطق التي يعيشون فيها لإجبارهم على الخضوع والطاعة له، كما هو حال أسرتي الصراري والجنيد في تعز وأسرة الريامي في رداع البيضاء... وغيرها.
ولم تتوقف مؤامرة الحوثي إلى هنا، بل لقد وصل به الغرور إلى درجة أنه أصبح يفرض اسم عائلته بديلا عن أسماء الأسر الأكثر حضورا ومكانة بين اليمنيين، كما أنه يدوس على دماء وجماجم أبناء تلك الأسر ليتصدر اسمه واسم عائلته المشهد، ويعمل بروح المنتقم والحاقد المتشبع بالكراهية على تهميش وازدراء تلك الأسر العريقة وتحويلها إلى مجرد أدوات تابعة له.
الصراع الحوثي – القبلي
الصراع بين (جناح الحوثي والجناح القبلي) يعد صراعا تاريخيا، منذ أن تولى (الأبناء) حكم اليمن إلى اليوم.. ويتفجر هذا الصراع، كلما حاول الدجالون طمس هوية شعبنا او اختزال اليمن بحضارته وتاريخه العظيم وسير أقياله باسم أسرة كهنوتية متخلفة، فهذه النزعات المتطرفة والعصبيات العنصرية والسلالية المقيتة، دائما تسعى لإعادة إنتاج الكهنوتية، ولم يحدث عبر التاريخ أن حملت مشروعا وطنيا.
لن نغوص في جرائم الأئمة الكهنوتيين عبر التاريخ، ونكتفي بالإشارة إلى أنهم غدروا بلسان اليمن أبو الحسن الهمداني مؤلف (الاكليل، وصفة جزيرة العرب)، فتآمروا عليه واودعوه السجن وتخلصوا منه بالسم لدفاعه عن الهوية اليمنية، وهذا هو أسلوب الكهنة الذي انتهجوه اعبر التاريخ للتخلص من خصومهم..
ولنا عبرة في النهاية المأسوية للقيادات اليمنية البارزة التي شاركت مطلع القرن الماضي بالحرب التحررية ضد الاتراك، واوكلت مهمة حمل راية نضال الشعب اليمني للدجال يحيى حميد الدين، والذي ما ان بزغ اسمه في صلح دعان عام 1911م حتى انقلب على المناضلين و(باع الرجال) كما عبر عن ذلك احد الشعراء الاحرار، ليستأثر لنفسه بعائدات الزكاة، وبعد نيل استقلال اليمن عام 1918م، خان يحيى حميد الدين نضال شعبنا وتخلص من الرموز الوطنية اليمنية واحدا تلو الآخر، لينفرد بالحكم لنفسه، ويحصره على أفرد أسرته فقط، إلى أن تفجرت ثورة 26 سبتمبر عام 1962م التي أعلنت قيام النظام الجمهوري وأطاحت بالحكم الامامي الكهنوتي..
واليوم نجد أن الدجال عبد الملك الحوثي يسلك نفس الطريق التي سار عليها الطاغية يحيى، ولم يعتبر –للأسف- الصريع صالح الصماد وأمثاله ممن يوجهون اليوم فوهات بنادقهم إلى صدور أحرار أبناء الشعب اليمني. لم يعتبروا من دروس التاريخ، ولهذا يدفع اليمنيون الثمن مرتين..
اختصاراً.. في عام 2016 دفع الحوثي بالصريع صالح الصماد لرئاسة ما يسمى بالمجلس السياسي بحكم ولائه الأعمى لأسرة عبدالملك الحوثي، وكراهيته للشعب والنظام الجمهوري، غير معتقد أنه يمكن أن يشكل خطرا عليهم في الحاضر أو المستقبل، لكن لم تمر أشهر إلا وأصبح الدجال الحوثي، وجناح ضحيان يسعون للتخلص من الصماد، بالرغم أنه كان يؤدي دور العكفي بكل خنوع، ومارس أساليب الخداع والغدر من أجل تمكين عبدالملك الحوثي وأن يحظى برضاه.
غير أن الخطابات والاحاديث الصحفية للصماد، اثارت غضب دجال مران عليه، الذي شعر انه يواجه منافسا خطيرا، ومتحدثا لبقا، ومهما زين قبح الحوثة، الا ان ذلك ليس مهما لهم ولابد من القضاء على راس الجناح القبلي داخل الجماعة خشية من تنامي نفوذه مستقبلا، فتكالب محمد علي الحوثي، وعبد الكريم الحوثي، وأبو علي الحاكم، وعبد الخالق الحوثي على الصماد، وحولوه إلى مجرد (كوز مركوز)، وبرغم انه ظل يؤدي دور العكفي الخاضع والخانع، فلم يثق به حوثة جناح ضحيان على الإطلاق.
وعندما لقي الصماد مصرعه في الحديدة بضربة جوية للتحالف العربي، في أبريل 2018م، لم يخف عبدالملك الحوثي فرحته وقال متشفياً: (لقد نصحته عندما أبلغني بالذهاب إلى الحديدة لحشد الجماهير، بعدم الذهاب، لكنه لم يستجب لنصيحتي..).
وعلى الفور أوكل الحوثي للمشاط تولي رئاسة ما يسمى بالمجلس السياسي لجناح ضحيان داخل الجماعة، وقام بإسكات الأصوات المرتفعة التي تثير الضجيج حول نهاية صالح الصماد، ولم ينج من ذلك حتى والد الصماد نفسه ومعظم أقاربه وتمت تصفيتهم بوحشية بعد أيام من مصرع الصماد، كما تم تدمير منازلهم في بني معاذ مديرية سحار بصعدة.
وجاء الدور بعده على العكفي المدعو أبو طه (عبد الرب جرفان رئيس جهاز الأمن القومي) الذي شغل هذا المنصب عقب انقلاب 21 سبتمبر 2014م، واوكل الدجال عبدالملك الحوثي مهمة التخلص منه إلى وكيل الجهاز المدعو أبو عماد (مطلق المراني)، والذي قام بافتعال خلافات وصلت إلى حد الاشتباكات ومحاولة تصفية جرفان.
وتداولت وسائل الاعلام مطلع أكتوبر خبر استقالة جرفان بعد تقديمه أكثر من شكوى ولم يلتفت إليها الحوثة، كون المراني يحظى بدعم مباشر من عبدالملك الحوثي ومحمد علي الحوثي، بينما يتعاملان بدونية مع القبيلي جرفان، وينظران إليه كإنسان من الدرجة الثانية.
ولتلافي إظهار جوهر الخلاف بين رئيس جهاز الأمن القومي والوكيل والذي كان الهدف منه تصفية الجناح القبلي داخل الحركة، قام الحوثة بتسريب معلومات كاذبة لوسائل الاعلام زعموا فيها ان سبب الخلاف مالي، وان مطلق المراني استحوذ على النصيب الاكبر من الاموال المنهوبة من شركات وتجار وامتلاك عقارات... إلخ، وهي مغالطات مفضوحة، لان ما يحدث على الواقع هو صراع دامٍ بين اجنحة الحركة، فالحوثي يصر على التخلص من القيادات البارزة للجناح القبلي في جهاز الامن القومي، وإلا لما كان هناك مبرر ليقول جرفان للجان الوساطات: (دولتكم ياسادة شلوها) كما نشر هكذا نصا في الخبر المتداول إعلاميا في أكتوبر الجاري.
وفي الأخير أطاح الحوثة بكبار العكفة داخل جهاز الامن القومي وقاموا بتعيين شخص آخر، بعد أن ضربوا عصفورين بحجر واطاحوا بجرفان والمراني بضربة واحدة.
واليوم جاء الدور على الملياردير عبدالسلام محمد فليته، الناطق باسم الحوثة، فعملية تصحيح اسمه بقرار مما يسمى بالمجلس السياسي أول خطوة ليعرف حجمة.. لا يعنينا أصله في شيء، لكنه لن يكون اكثر حظا من الصماد او جرفان او غيرهما، خصوصا وان استثماراته في مجال النفط ومنها شركة (يمن لايف) المملوكة لشقيقة صلاح أصبحت تدور عليها الدوائر، ويتهم أيضا فليته بالاستيلاء على تبرعات شيعة العراق وعدم تسليمها لعبد الملك الحوثي وكذلك استحواذه على عشرات الملايين من حوزات قم وجمعيات شيعية في البحرين، بحكم انه الأكثر تواجدا في الخارج.
وقد أوشى بهذه المعلومات الخطيرة مسؤول جمع التبرعات من شيعة السعودية لدعم الحوثة والذي يعمل مسؤولا في هيئة الاستثمار..
القائمة طويلة والتفاصيل كثيرة.. فدعونا نشاهد النهايات التراجيدية لخدمات العكفة في متاريس أعداء الشعب.